سعد الدين إبراهيم

قلبي على الشباب


والمنصب الذي أراه غائباً في السودان وأتمنى أن أكون على خطأ ويكون المنصب موجوداً وأنا غير متابع.. ذلكم هو منصب رئيس جهاز الإحصاء أو تحت أي مسمى.. وأقصد به ذلك المسؤول عن جهاز كبير وضخم عن الإحصاء في السودان.. المسؤول الذي يحدثنا كل فترة عن نسبة الأطفال عندنا.. وكم نسبة الشباب.. وعدد النساء وعدد الرجال.. ثم الثروة هذه التي يسعى كل إلى اقتسامها ما حجمها وكم نسبتها.. العطالة كم نسبتها الطلاق.. الزواج.. الإدمان.. الوفيات.. الايدز.. السرطان نسبة المرض عموماً نسبة الجهل.. نسبة الفقر.. وأهل مهنة الصحافة يشكون قلة التوزيع فهل يعرفون عدد المتعلمين الذين يقرأون.. وكم عدد قراء الصحف.. وهل ثمة قراء في مواقع لا تصلها الصحف.
طيب الأطفال مثلاً ألا يؤثر على عمله جهله.. بعدد الأطفال في بلده ومن ثم في مدينته أو حتى في حيه.. فالإحصاء مهم لسيد اللبن.. وسيد الكنتين.. والسفير والغفير.
هنالك طبعاً جهاز قائم ولا شك وله أدواره وله رئيسه أو أمينه العام لكنه منصب غائب ليس بسبب من يشغره فهو في أشد الحاجة إلى إعلام هل لدينا قصور إحصائي حكومة وشعب.
وقلبي على الشباب السوداني فليس ثمة إحصائية عنه وعن مشاكله.. قلبي على الشباب السوداني فالظروف الاقتصادية تطحنهم طحناً والظروف الاجتماعية تقمعهم فهي ظروف قاسية تؤدي ببعضهم وربما أغلبهم إلى الإحباط الكبير يكبلهم الخوف من المستقبل ويقيدهم اليأس لذلك يحجمون عن المشاركة في الأحداث ويكتفون بالمراقبة لأنهم رضوا التهميش فأصابهم الشذوذ النفسي.
فالشيوخ لم يعودوا هم القدوة خاصة بعد أن نموا بذور القطيعة بينهم وبين الأجيال الجديدة بعمائم الوعظ التي يلبسونها وإصرارهم على تمجيد أدوارهم فعصور شبابهم هي العصور الذهبية، لا يرون سوى ذلك ففنونهم الأحسن ورياضتهم الأحسن وتحصيلهم الدراسي.
إذن ينصرف الشباب إلى قدوة أخرى تتمثل في نجوم يصنعونها هم في الفن وفي كرة القدم، في فئات أثرت سريعاً بالحلال أو الحرام هذه القدوة زائفة لزيف نموذجها.
فالمغني النجم الشاب القدوة متفلت ومتمرد لا يتفق انفلاته وتمرده مع أعراف المجتمع حتى المتسامحة، ولا يدعم تمرده بأي أفكار أو قيم تجعلنا نأمل في أن يصبح التمرد ثورة أو يفضي إلى فكرة.
ونجم الكرة الشاب القدوة مرهق بالتفاصيل الكبيرة والصغيرة يعتبرونه في الغالب دجاجة تبيض ذهباً فينهكونه فيتحول إلى جار وراء المادة حتى لو داس على شعارات كانت قيماً مثل الولاء.. الانتماء لهذا لن يصبحوا قدوة رشيدة فالمشاكل تحاصرهم وتشتت جهودهم فتضمر موهبتهم في اللعب وتتضاءل ويعودون سريعاً إلى الهامش، قلبي على الشباب.