البرلمان والمصارعة الحرة
أشعر أحياناً بإشفاق على نواب البرلمان الذين يعيش بعضهم إحساساً قاسياً بالعجز والفشل في إثبات دوره ووجوده في القضايا والمحكات الأساسية.. مثلهم مثل صبي ضعيف يستغله رفاقه في الحي ويعتدون عليه بالضرب فيسقط حالته على أشقائه الصغار في المنزل .
البرلمان الذي لم يتمكن نوابه من صد أية هجمة من هجمات الزيادات ورفع الدعم عن السلع الاستهلاكية، البرلمان الذي يغيب دوره تماماً في حماية مكتسبات المواطنين ومواجهة بعض القرارات والسياسات الاقتصادية المتخبطة والضاغطة على المواطن حد الضغط.. يستعرض نواب هذا البرلمان شطارتهم فينا في مواجهة الكثير من مشروعات المجتمع المختلفة ..
يحملون القلم الأحمر قلم الشطب والتصحيح الذي يخفونه تماماً من واجهة جيوبهم عندما يكون الموقف يقتضي استخدام هذا القلم الأحمر لشطب وإلغاء قرارات اقتصادية تنزل ثقيلة الوزن على رأس المواطنين.. لكنهم يبرزون لنا هذا القلم الأحمر ويدخلون قاعة الجلسة وهم يحملونه دون غطاء حين ينتوي أحدهم أو بعضهم استعراض عضلاته البرلمانية فينا وأمامنا فتظهر مثل انتقادات أحد النواب قبل يومين للجهة التي تخطط هذه الأيام لإقامة عروض تنافسية لنجوم المصارعة الحرة العالميين في السودان خلال الشهر الجاري، ووصف الحدث الفريد من نوعه بأنه (كلام فارغ ) وأن أسعار هذا العرض الرياضي مستفزة قبل أن يطالب السلطات بعدم السماح باستضافة مثل هذه العروض التي قال إنها تكرس للطبقية ..
ولا أدري هل كانت الطبقية في السودان تنتظر عرض المصارعة الحرة حتى تظهر ملامحها.. وما هو المقصود بالطبقية.. ولو كان هناك شخص مقتدر فما المانع من أن يرتاد عرض المصارعة الحرة ويستمتع بماله؟.. أين هي المشكلة في ذلك؟ وهل عرض المصارعة الحرة باهظ التذاكر هذا ضروري لفقير أو شخص غير مقتدر أن يشاهده..؟!
هذا المواطن المقتدر (على كيفه) يا أخي يحضر مصارعة أو (يحنن ضنب كلبه) وطالما أنه يستمتع بماله الذي يمتلكه في مشاهدة عرض رياضي فمن حقه.. بل كان على البرلمان أن يشكر هذه الجهة التي تتبنى هذا المشروع ويشجع الدولة على استقطاب ورعاية مثل هذه المشروعات لأن هذا العرض يعود بفائدة كبيرة على اسم السودان في هذا المجال كما أنه يجني فائدة ودعما لنادي المريخ الذي يتم استئجار ملعبه لإقامة هذا العرض.. وقبل كل ذلك فإن تذاكر هذا العرض مدفوعة الضرائب والرسوم لخزانة ولاية الخرطوم ومن الممكن أن تقوم الولاية بتوجيه هذه الرسوم للدعم الاجتماعي لفقراء ومحتاجين ومرضى أو توجيهها لاستعدادات الخريف أو أية خدمات أخرى.. مالكم كيف تحكمون؟..
وكيف تفكرون..؟ ألا يعرف مثل هذا النائب ماذا يصلح وماذا يضر؟.. هل هو جاهل بهذه الملاحظات البدهية التي أشرنا إليها؟ وإذا كانت الإجابة نعم.. فكيف ولماذا هو موجود في البرلمان أصلاً .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.