الطاهر ساتي

خازوق مروي الدولي


:: قبل أشهر، عندما إستقبلت مشافي البلاد العام جرحى حرب اليمن لتعالجهم (مجاناً)، إستنكرت هذه المثالية لأن لغة المصالح المشتركة هي الأقوى والأوسع إنتشاراً في عالم اليوم..ولا مكان اليوم – ولا تقدير – لمثل هذه المثالية السالبة في خارطة العلاقات الدولية، بل لغة المصالح فقط لاغير..(واحد زايد واحد يساوى إتنين)، ( حقي كم؟)، أوهكذا قواعد لغة العصر التي تخاطب بها الدول بعضها، وتكون الأنظمة قد غسلت ( وشها بالملح)..وما لم تتعلم أية دولة في العالم – بما فيها دولتنا – لغة المصالح، فعلى شعبها القبول بالعيش تحت خط الفقر مدى الحياة.. !!
:: ويبدو أن لغة العصر حلت محل المثالية السالبة في بلادنا.. فالسلطات الصحية بالخرطوم تتهيأ لإستقبال أفواج أخرى من جرحى حرب اليمن إعتباراً من هذا الأسبوع..ولكن ليس مجاناً كما الأفواج السابقة والمقدر عددها بما يقارب الأربعمائة مصاب..(5000 دولار)، كحد أدنى مقابل علاج كل جريح، حسب الإتفاق الموقع عليه ما بين مركز الملك سليمان و الهلال الأحمر السوداني وبعض مشافي الخرطوم.. وعدد المصابين كبير، وقد يتجاوز الألف مصاب، حسب سعة المشافي ..!!
:: جهاز الضمان الإجتماعي، مالك مستشفى مروي الدولي، كان قد أبدى إستعداده لعلاج كل هؤلاء الجرحى بمستشفى مروي الدولي، ولكن خاب المسعى حين إكتشفت اللجان الفنية عجز الصندوق عن تشغيل المستشفى..مستشفى مروي الدولي..اكتمل قبل سبع سنوات تقريباً، ويقع على مساحة قدرها (100.000 متر مربع)، والمبنى العام للمستشفى (ثلاثة طوابق)، ثم مركز لدراسة وعلاج الأورام (ثلاثة طوابق أيضاً)، ثم مساكن الأطباء وكادر التمريض، وكذلك مبنى لمرافقي المرضى.. والسعة التشغيلية (350 سريراً)، وسعة مركز علاج الأورام (100 سرير)، وعيادات خارجية لكل التخصصات وأقسام الأشعة..!!
:: ودفع الشعب – في الخازوق الدولي – المسمى بمستشفى مروي الدولي (82.257.974.43 جنيه)..فالمستشفى ( كبير جداً)، ومن حيث الأجهزة والمعدات والمواصفة هي الأكبر والأحدث في البلاد..ولكن بالعجز عن الإدارة والتشغيل لم تستفد منها البلاد إلى يومنا هذا..وقبل ثلاث سنوات، رفعت وحدة السدوديدها عن إدارة وتشغيل المستشفى، وسلمته – صُرة في خيط – لجهاز الضمان الاجتماعي.. بيع أم إيجار؟، ألله أعلم.. ومع ذلك، لأن لهذا الجهاز تجربة ناجحة بشرق النيل، إستبشرنا خيراً..ولكن لايزال الحال كما هو عليه قبل ثلاث سنوات، أي مجرد مبانٍ ومعدات مُعطلة..وكانوا قد خدعونا بأن من أهداف مستشفى مروي الدولي تخفيف الأعباء على مشافي الخرطوم المرجعية وإستقطاب مرضى دول الجوار الأفريقي.. فصدقنا الخدعة..!!
:: المهم..مستشفى حاج الصافي بالخرطوم بحري – حسب تجربة الأفواج الفائتة، وكان قد إستقبل (217 مصابا ) – يكاد يكون الأفضل تأهيلاً في المشافي العامة لإستقبال وعلاج جرحى اليمن..فالسعات السريرية لبقية المشافي العامة تعد بالعشرات، أي لا تكفي حتى مرضى السودان.. وأمام هذا الواقع المحزن، ليس هناك حل للهلال الأحمر غير توزيع الجرحى على المشافي الخاصة، وهذا ما حدث في الأفواج السابقة..نعم خير للبلاد وأهلها بأن تحظى كل مشافيها – العامة والخاصة – بأموال جرحى حروب العرب..ولكن عند توزيع الجرحى على المشافي الخاصة يصبح الدرس البليغ للسلطات الصحية هو أن المشافي العامة غير مؤهلة لحالات الطوارئ الكبرى ..فهل تفهم السلطات الدرس ..؟؟