جمال علي حسن

تمسكوا بإلغاء هذه البوابة


إذا كان إغلاق البشير الباب أمام من ينتظرون حوارا جديدا خاصا بهم (في آي بي) أو حوارا (سياحيا)، إذا كان هذا القرار من الممكن أن تأتي ظروف أخرى وتتراجع الحكومة عنه حسب مقتضيات الأمور فإن إغلاق البشير الباب أمام مطلب الحكم الذاتي للمنطقتين هو القرار السيادي الذي يجب أن تتمسك به الحكومة حتى آخر أنفاسها ولا تقبل أي نوع من التفاهمات حوله.
جنوب كردفان بها مناطق ظلت لسنوات طويلة جداً إدارياً خارج مظلة سلطة الخرطوم قبل وبعد عهد الإنقاذ ومناطق أخرى متأثرة بشكل كبير بثقافات وخبرات الحرب والتمرد مما أبقى في نفوس الكثير من أهالي تلك الجبال نوعا من الجفوة والحساسية العالية تجاه المركز كإسقاطات طبيعية لثقافة الحرب والتمرد، وسيكون منح حكم ذاتي لمثل هذه المناطق في ظل تلك المعطيات الواقعية يعني حتماً انفصالا جديدا يظلم به مواطن الجبال والنيل الأزرق نفسه وأهله قبل أن يظلم أحداً في الشمال والوسط وهو يؤسس دولة جديدة أفشل بعشرات المرات من دولة جنوب السودان التي ندم الكثير من أهلها على قرار الانفصال.
إغلاق الباب نهائياً أمام مطالبات قادة قطاع الشمال بالحكم الذاتي للمنطقتين ليس قراراً خاصاً بالحكومة أو السلطة فقط، بل يجب أن يساندها الجميع في حراسة هذا الباب مغلقاً وعدم إتاحة المجال للضغوط الخارجية التي ستأتي لاحقاً وتحاول فتحه بشتى الطرق .
الأهم من كل ذلك أن شروط تشريع الحكم الذاتي الداخلي في القانون الدولي لا تنطبق على حالة جنوب كردفان والنيل الأزرق وحتى دارفور نفسها، لأن تلك المناطق هي جزء من دولة السودان بخليطها العرقي والثقافي.. بمعنى أن جنوب كردفان ليست منطقة خاصة بقومية محددة أو شعب محدد مثل شعب جبال النوبة فهناك الكثير من العرقيات والقبائل الكبيرة الأخرى تعيش في نفس هذه المناطق جنباً الى جنب مع القومية النوبية ولها نفس الحقوق التاريخية في تلك المناطق وكذلك منطقة النيل الأزرق التي هي ليست حكراً على قبائل أو قومية محددة حتى تتحدث عن استعمار وتطالب باستقلال أو حكم ذاتي، بل هي منطقة تصاهر وتمازج وتداخل لا ينفصل أهلها عن أهل السودان ..
المطلوب إلغاء بوابة الحكم الذاتي نهائياً في السودان وليس إغلاقها فقط.. لا مكان للحديث عن حكم ذاتي لأي منطقة في السودان الآن فما تبقى من أقاليم ومناطق السودان بعد انفصال الجنوب تنتفي فيه فرصة الزعم باستقلالية عرقية ودينية وثقافية كاملة في مناطقه، هي أقاليم سودانية مزيجة ومتنوعة ثقافياً ودينياً وليست حكراً ولا ملكاً لأية قومية محددة.. حتى الجنوب المنفصل نفسه كان من الممكن أن يبقى كما هو جزءا من السودان المعروف القديم المعروف للجميع.
جبال النوبة سودانية خالصة والنيل الأزرق هي امتداد امبراطورية كوش وسنار ونفوذ علوة والمقرة.. هي السودان ولا مجال للحديث عن حكم ذاتي تحركه نزوة اقتسام السلطة عن طريق تفتيت البلد .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.