جمال علي حسن

خيار الشعبي وليس خيارات الشعبي


في تقرير الزميل الصحفي المتميز محمد الخاتم أمس صورة مقطعية مختصرة لقدرات وإمكانيات الشيخ ابراهيم السنوسي في قيادة الشعبي في هذه المرحلة، أشار فيه لوثيقة ويكيليكس التي كانت قد حصرت قدرات السنوسي في تنفيذ التعليمات بدقة، لكن في اعتقادنا أن هذا هو المطلوب بالضبط من الأمين العام للمؤتمر الشعبي الجديد في هذه المرحلة حيث أن الترابي كان قد وضع العربة في مسارات محددة تجعل مهمة الأمين العام للمؤتمر الشعبي الآن هي قيادة هذه العربة في طريق واضح المعالم ونحو محطات شبه محددة لا تتطلب منه قدرات تنظيرية كبيرة ولا تشترط فيه شروطاً بالمقارنة مع الترابي .
الترابي مضى إلى ربه في منتصف طريق لا يتطلب الاستمرار فيه سوى مسألة وقت مع تسيير الأمور فالمحطة النهائية على مستوى المشاركة في الحوار والإسهام فيه هي معلومة ومرسومة قبل موت الترابي والتصورات كاملة والرؤية مكتملة والمواقف محددة مما يعني أن العثرات المتوقعة في هذه المرحلة لن تكون كبيرة ومشكلة على من يقود..
لكن هذا لا يعني تغييب المعايير الصعبة لملء مقعد الأمين العام للمؤتمر الشعبي بعد الترابي في المستقبل، ولسنا في حاجة لأن نذكر أحداً بأن الترابي بقدراته المتميزة يجعل ملء مقعده مستقبلاً وبشكل مقارب لحالة وجوده أمراً بالغ الصعوبة، أما الآن فإن الأمر لا يحتاج إلا إلى تنفيذي متمرس يتميز بدقة التنفيذ مثل السنوسي .
ولعلنا نقول كل هذا الكلام وفي البال ملف أساسي هو الحوار الوطني.. لكن قيادات المؤتمر الشعبي ستكتشف أنها لو أرادت أن تواصل في التوجه العام الذي كان يمضي عليه الترابي فإن ملامح هذا التوجه كانت واضحة للجميع بأن الترابي في الفترة الأخيرة كان يتجه نحو محطة استعادة وحدة الإسلاميين من جديد.. وكل القراءات لتوجهات المؤتمر الشعبي منذ قبوله مبادرة الحوار واتجاهات التقارب المتسارعة بين طرفي المفاصلة كانت تؤدي إلى نتيجة واحدة هي أن الإسلاميين في السودان يتجهون نحو استعادة وحدتهم من جديد.
وطالما أن هذا هو التوجه وتلك هي القناعة داخل مؤسسات المؤتمر الشعبي فلن يكون هناك أنسب من شيخ السنوسي نفسه لإكمال هذه الرحلة بحكم تصنيف السنوسي منذ مراحل القطيعة الكاملة بأنه يمثل الخط الأكثر قرباً إلى مزاج استعادة الوحدة بين الإسلاميين ولا نقول الأقرب إلى المؤتمر الوطني لكنه الأكثر مقبولية بالنسبة للوطني وهذه حقيقة لا تطعن في ولاء السنوسي الكامل لمشروعه وحزبه .
بقي أن نقول إن المؤتمر الشعبي ليس أمامه خيار أنسب وأفضل استراتيجياً من خيار الوحدة وهذا هو الخيار الاستراتيجي للمؤتمر الوطني أيضاً في وقت كشف فيه رحيل الترابي المفاجئ عن أن أوجاع الإسلاميين لا توجع أحداً غيرهم مهما توالت التعازي وتظاهرت التعابير .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.