الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل من داخل سرادق عزاء الراحل الترابي
سرادق العزاء الخاص بوفاة الشيخ الدكتور حسن الترابي، وفي اليوم الأخير امتلأ بالمعزين من ألوان الطيف السياسي المختلفة، ولكن لاحظت أن هناك ثلاث قيادات من المؤتمر الوطني حرصوا على الجلوس كثيراً الى جوار شقيقه الشيخ دفع الله، هم الدكتور نافع على نافع، وأحمد ابراهيم الطاهر، بجانب الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل.. آخر لحظة استثمرت تلك السانحة وطرحت على الدكتور مصطفى عدة محاور تركزت في أثر وفاة الترابي على الحوار الوطني، ومدى قابلية تنفيذ أطروحاته التي بشر بها، خاصة ما أطلق عليه النظام الخالف، وبالرغم من توافد المعزيين الذين كثيراً ما يقطعون حديثه معنا، إلا أن الرجل استقطع لنا وقتاً خصنا فيه بهذه الإفادات حول المحاور التي طرحناها عليه.
*ماذا أنت قائل في هذه المناسبة التي هي تأبين الدكتور الترابي ؟
– رحم الله الدكتور الترابي وأنا أعتقد أنه رحل بجسده، ولكن مبادراته في السياسة والدعوة والحوار الوطني التي ستبقى التحدى الذي أمام النخب السودانية هو كيف يمكن أن نترجم تلك الحوارات والمبادرات للهدف الذي من أجله دُعي للحوار.
*وبرأيك ماهو هذا الهدف؟
– هدفه في الحوار كان من أجل إيقاف الحرب وحدة الاستقطاب السياسي، بجانب الاستقرار الاقتصادي، وبناء علاقات خارجية منفتحة، لذلك هو رأى أن الحوار هو الحل الأمثل لكل هذه القضايا الوطنية.
*هل هنالك ثمة رسالة أرسلها عبر مشاركته في الحوار الوطني؟
– نعم هو من خلال مشاركاته ومن خلال أفكاره التي طرحها في هذا الشأن، أرسل رسالة واضحة مفادها أن لا حل لمشاكل السودان بالعنف وإنما بالحوار، وهذا ما قبلته المعارضة السياسية والحكومة بجانب الحركات المسلحة.
* الى أي مدى كان يدرك الجميع ماكان ينادي به الدكتور الترابي؟
– أنا اعتقد أن الجميع الآن يدركون ماكان ينادي به الشيخ الترابي، ونحن نأمل أن تكون وفاته دافعاً لاستكمال مسيرة الحوار واستقرار السودان، الذي كان يتمنى أن يراه قبل أن ينتقل الى مولاه.
* الدكتور الترابي طرح مشروعاً أطلق عليه (الخالف) هدف من خلاله لوحدة الإسلاميين هل بالامكان حدوث ذلك؟
– ليست هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها الدكتور الراحل حسن الترابي طرحاً لجمع شمل الإسلاميين، فقد سعى لذلك كثيراً من خلال العديد من المبادرات والأطروحات بل كان يعمل لجمع كل السودانيين وليس الإسلاميين وحدهم، وقد طرح في نهاية التسعينيات مشروع التوالي السياسي في مواجهة الاقصاء والصراع السياسي، لأنه كان يعتقد أن الغرب قد خلف لنا نظاماً ديمقراطياً قائماً على الصراع السياسي، وهذه الديمقراطية لن تقود الى استقرار البلدان النامية وبالتالي لابد من ديمقراطية قائمة على التساند السياسي والتوالي، ولكن طبعاً الناس لم يفهموه في ذلك الوقت، ولم يأخذوا به، والآن طرح موضوع النظام الخالف كترتيب منه لتوحيد قوى الأمة، أو لتوحيد أهل القبلة كمقدمة لتوحيد كل القوى السياسية السودانية الوطنية.
* هل يعني بذلك دمج كل التنظيمات السياسية في هيكل واحد؟
– هو لا يعني بالتوحيد أن يكون الناس حزباً واحداً وإنما أن يكونوا متفقين في أمر الوطن، ويمكن أن يختلفوا فيما يسمح به من اختلاف على أن لا يتحول الخلاف الى صراع يمزق الوطن ووحدته ونسيجه الاجتماعي.
* البعض يرى أن الساحة غير مؤهلة لمثل هذا البرنامج.. ما تعليقك؟
– أعتقد أن رحيل الدكتور الترابي يمكن أن يجعل الناس وفاءً للرجل وإيماناً بتلك الأفكار أن يعملوا على ترجمة تلك الأفكار والاتجاهات والمبادرات التي كان ينادي بها، فقد رحل الدكتور الترابي عنا بجسده ولكنه ترك لنا إرثاً مكتوباً ومنظوراً ومسموعاً ومرياً، هذا الإرث أنني على يقين أنه لن يكون للسودانيين وحدهم، وإنما لغيرهم إذا نظروا فيه وتمعنوا مدلولاته، فإنهم سيستخرجون منه درراً تفيد مسيرتنا السياسية والدعوية.
* تاثير وفاة شيخ حسن على الحوار كيف تقرأها؟
– في تقديري وتقييمي أن الحوار سيجد عبرة وقوة دفعٍ من انتقال الدكتور الترابي تدفع به الى الأمام ولن يتراجع.
* من أية زاوية قرأت ذلك؟
– من زاوية أن الترابي خلف أساساً للحوار، فهو الذي كتب وثيقة الحوار الوطني ووضع الخطوات التي تنتهي بها، وأعتقد أن الذين خلفهم من أبنائه في الحركة الإسلامية والمؤتمر الشعبي هؤلاء تشربوا هذه الأفكار، ولن يحيدوا عن هذا الطريق الذي سار عليه.
أجراه : لؤي عبدالرحمن
صحيفة آخر لحظة