نسبة الكراهية في الدم
من أهم القضايا التي يتم طرحها والتنظير حولها هذه الأيام بعد وفاة الدكتور حسن الترابي.. قضية الشماتة في الموت وأزمة ثقافة الاختلاف ..
هذه القضية لا تطرحها الآن أقلام إسلامية أو إنقاذية فقط بل تثيرها حتى بعض أقلام الشامتين أنفسهم والذين وفي مقدمات مقالاتهم يحاولون استحضار إحساس القبول العام لتوجهات الشماتة التي يطرحونها بتقديم مبررات ومحسنات لطرحهم هذا بصورة أو أخرى.. فيخاطب بعضهم الإسلاميين بلغة (إنتو البديتو الشماتة) .
لكن فشل هؤلاء في استحضار هذا الإحساس – إحساس الشماتة – عند الناس يشهد للمجتمع السوداني بالعافية الأخلاقية الكاملة ويعطي مؤشرات مهمة على أن حالة الكراهية التي تظهر أعراضها على سطح الساحة السياسية في بلادنا ليست سوى إصابة عرضية غير وبائية ومنتشرة حصرياً في نطاق مجموعات محدودة من المثقفين داخل الكيانات السياسية من الذين يعانون الإصابة بداء الكراهية.. وبحكم النشاط الزائد لهؤلاء كان يحدث بعض التشويش والشك في انتشار الكراهية في المجتمع السوداني .
وبالملاحظة العامة نعتقد حتى تلك النسبة الضئيلة من المصابين بهذا المرض يبدو من خلال تعاطي الكثير منهم مع قضية وفاة الترابي وارتباك خطابهم الكاره نفسه وتلعثم ألسنتهم في التفوه أو تحبير هذه الشماتة على الورق نلاحظ وبكل صدق أن حالتهم ليست حالة ميئوس منها بالكامل بل حالة قابلة للمعالجة والاستشفاء، نقول هذا بالنظر إلى النسبة المحدودة من الشماتات التي صدرت قياساً بدور الترابي الأساسي في نظام الإنقاذ وشخصية الترابي كمؤسس للجماعة ومنظر للفكر الذي يعارضه هؤلاء بشراسة حيث يظن بعضهم أن الترابي مهما حدث له من تغيير في مواقفه بعد خروجه من النظام فسيظل بنظرهم هو السبب في وجود الإنقاذ وبالتالي كنا نعتقد أن موته سيستحق منهم درجة أكبر من الشماتة .
لكن هذا لم يحدث بل غالبت بعضهم الدموع.. فأفصح عنها من صدق مع قارئه وقلمه مع تأكيد وتجديد موقفه كما في مقال الأستاذة رشا عوض. وأنكر تلك الدموع وتهرب منها آخرون مثل هاشم بدر الدين في مغالطته للمعلومات التي ذكرها إسحق فضل الله نقلاً عن من وثق دموع هاشم على الترابي .
ليس عيباً أن تدمع عيناك لموت أحدهم مهما يكن خلافك واختلافك معه فنحن بشر والترابي نفسه كان رثى الراحل نقد كما أن الراحل نقد بحسب أخلاقه وأصله لو كان حياً لما تأخر عن تقديم العزاء في الترابي .
ليس عيباً أن تحزنوا لموت الترابي، العيب أن تشمتوا في الموت والعيب أن نسمح بتحويل الكراهية في بلادنا من حالة عرضية محدودة إلى وباء اجتماعي.. وثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه مرت به جنازة فقام فقيل له إنها جنازة يهودي فقال أليست نفساً؟ أو كما قال .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.