ألحق ولدك وبنتك !!
* قامت الزميلة الشابة (عزة أبوعوف) بمغامرة جريئة في العالم السفلي للمدمنين وتجارة المخدرات، وخرجت بتحقيق مثير عن عقار (ترامادول) المُسكّن المعروف للألم، شديد الخطورة، الذي يمكن أن يفضي إلى الإدمان والموت إذا استخدم بدون الطريقة الطبية الصحيحة، ولقد انتشر استخدامه في السنوات الأخيرة، خاصة وسط الشباب بين سن 17 و30 وطلاب الجامعات (كمهدئ أو مخدر) جالب (للسعادة) وطارد للسأم والملل والتوتر، وقاد الى إدمان الكثيرين وتهديد مستقبلهم إذا لم يتلقوا العلاج، ويقلعوا بشكل نهائي عن استخدام هذا العقار الخطير!!
* لا توجد احصائيات أو دراسات عن مشكلة الإدمان بأنواعه المختلفة في البلاد، ولا أحد يدري بالضبط كم عدد ضحاياه، أو عدد ضحايا هذا الوحش الصامت (ترامادول) الذي اشتهر بين الشباب بـ(الخرشة)، ولكن احصائيات (مركز الأمل) لعلاج الادمان بالخرطوم تقدر عدد المترددين الجدد يومياً على المركز للعلاج من الإدمان بحوالي 8 أشخاص (بينهم 3 إناث) وجلهم من الشباب (الطلاب)، أي 240 في الشهر، و2880 في العام، وإذا اخذنا في الإعتبار الاحصائيات والدراسات العالمية التي تقدر عدد المدمنين الذين لا يلجأون الى مراكز علاج الإدمان في دول العالم الثالث (لاعتبارات كثيرة) بعشرة أضعاف المترددين، فإن العدد (بالنسبة لمركز واحد فقط) لعلاج الادمان في البلاد يرتفع الى 28800 أي حوالي (ثلاثين ألف) في العام.
* مشكلة الادمان ليست في العدد فقط، أو ارتفاع عدد ضحاياه بوتيرة تصاعدية من عام لآخر بسبب الضغوط النفسية والاقتصادية والاجتماعية ومشاكل الفقر إلخ، ولكن في الشرائح العمرية أيضاً التي تنضم كل فترة الى مجموعات المدمنين، ولقد أوضحت دراسة دقيقة أجريت في مصر على مدى 19 عاماً وشملت حوالي (115 ألف) شخصاً من المترددين على مراكز علاج الادمان، إن سن تعاطي المخدرات قد انخفض في غضون سنوات قليلة من 17 الى 11 سنة، وهنا تكمن الخطورة، فعندما يلتهم وحش الادمان أعماراً مثل هذه في الدولة، فمن أين لها أن تتقدم الى الأمام وتنمو، ومن أين لها بالتكلفة الضخمة لعلاج المدمنين تحت ظل معاناتها من إقتصاد كسيح لا يستطيع تحمل تكلفة الأصحاء المنتجين، فكيف يتحمل عبء المدمنين الذين هم خارج دائرة العمل والانتاج؟!
* حسب الدراسة المصرية، فان التكلفة السنوية لعلاج المدمن تبلغ حوالي (6 ألف جنيه مصري) أي حوالي (750 دولار) أمريكي، وإذا عرفنا أن عدد المدمنين في مصر يصل الى حوالي (6 مليون) فإن التكلفة السنوية لعلاجهم تبلغ (4 مليار وخمسمائة مليون دولار).. فهل تستطيع دولة مثل مصر (أو السودان) تحمل عبء هذه المبالغ الضخمة، بالإضافة الى الأضرار الاضافية التي تنجم من خروج أعداد هائلة من المواطنين (أغلبهم من الشباب) من دائرة الإنتاج، واعتمادهم على غيرهم في الحصول على متطلبات الحياة، وإنضمام أعداد مقدرة منهم الى اللصوص والمجرمين!!
* مشكلة المخدرات معقدة جداً، ولا يمكن أن تتولاها جهة واحدة فقط في الدولة، هي إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية التي سمحت للصحفية الجريئة (عزة) بالدخول الى العالم السفلي للمخدرات، وأمدتها بملازم شرطة (إمرأة) لتمثيل دور المدمنة التي تبحث عن مخدرات لشرائها، فخرجت علينا بمعلومات وأسرار لا يمكن لأي شخص قراءتها بدون الاحساس بالخوف الشديد على إبنه او إبنته، خاصة من هم في مرحلة الدراسة الجامعية، من أن يتحول أو تتحول من خانة طالب أو طالبة الى خانة مدمن أو مدمنة ويضيع مستقبلهما، بسبب صداع عارض، أو غياب ولي الأمر، أو رغبة في المغامرة، أو مشكلة اجتماعية أو اقتصادية، أو جشع تاجر مخدرات أو تقاعس دولة عن القيام بواجباتها.. أو ببساطة، كباية عصير أو شاي دس فيها أحد أصدقاء أو صديقات السوء مسحوق مخدر أو حبة ترامادول، ومن ثم تبدأ رحلة الضياع!!