مصطفى أبو العزائم

الجنيه السوداني.. طريق النجاة


عندما تم إعلان البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي (2015-2016م) كان من أبرز أهدافه تحقيق الاستقرار المالي، وزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وخفض التضخم، إضافة إلى تحقيق استقرار في سعر الصرف من خلال ترشيد الطلب على النقد الأجنبي، ومن ثم تحسين موقف ميزان المدفوعات مع تحقيق استقرار سعر الصرف.
ملامح سياسات العام 2016 واضحة، لكن أبرز ما فيها تحسين وتطوير إدارة العملة، وتحديث الأطر القانونية التي تحكم عمل بنك السودان المركزي والمصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية.
الآن حق لنا أن نسأل، وأن نتساءل.. هل تحقق أي من أهداف البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي في حدوده الأدنى؟ وهل ظلت عملتنا الوطنية (الجنيه) تحافظ على قيمتها أمام الدولار الأمريكي؟ الإجابة قطعاً (لا).. فالعملة الوطنية تشهد تدهوراً حاداً يساهم في تفاقمه الحظر الأمريكي على بلادنا ومنع التحويلات إلى البنوك السودانية، وهو ما أدى إلى زيادة طين الأزمة بلة.
سألت الأخ الكريم والخبير الاقتصادي السيد “محمود جحا”، ونحن داخل منتدى اجتماعي صباح (السبت) الأول من أمس، كان يناقش قضية العطالة ومسبباتها ونتائجها في السودان، سألته إن كان ربط العملة الوطنية بالذهب كمعيار للقيمة، يمكن أن يساهم في حل هذه الأزمة، خاصة وأننا كنا قد درسنا ذلك في بداية عهد الطلب الجامعي بكلية التجارة في جامعة القاهرة فرع الخرطوم.. فكانت إجابته تتوافق مع ما طرحته خلال مداخلة لي في الندوة التي تحدث فيها الخبير الاقتصادي الأستاذ “سعيد أبو كمبال”، وسألت منه الأستاذ “جحا” المرشح الأسبق لرئاسة الجمهورية، إذ قال إنه سبق أن قدم مقترحاً للسيد رئيس الجمهورية للعمل بقاعدة اعتماد معايرة الذهب بالنسبة للعملة الوطنية.. الآن نستطيع مراجعة سياساتنا المالية كلها، دون الاعتماد على خلية تفكير اقتصادي واحدة، لا ترى إلا بعين واحدة، ولا نشرك آخر في النظر إلى الحلول.. لابد لنا من أن نشترك في البحث عن حلول لأزماتنا ومشاكلنا التي لم يكن الشعب– قطعاً– هو المتسبب فيها.
مثلما قلنا من قبل فإن بلادنا غنية يعيش عليها شعب فقير، وإننا لن نرى الأفق أمامنا ما دمنا ننظر تحت أقدامنا.
وزارة المعادن تتحدث عن مئات الأطنان من الذهب المنتج، لكنه وللأسف الشديد يتم تهريبه إلى الخارج بسبب القيود والأسعار المتدنية المفروضة على المنتجين والمعدنين، في حين أن ذات هذا الذهب يمكن أن تشتريه الحكومة وممثلها البنك المركزي ليبدأ عملياً في تطبيق نظام (تقويم العملة بالذهب) أو ما يعرف بالنظام الذهبي أو ما يتعارف عليه أهل الاقتصاد بـ(The Gold Standard)، بأن يتم (مثلاً) تحديد قيمة الجنيه بثلاثة جرامات ذهبية، وهذا سيعيد العلاقة بين النقود الورقية والذهب، وكلما ارتفع احتياطي الذهب داخل البنوك المركزية كلما استقر سعر العملة وتمتعت بقدر كبير من الثبات بدلاً عن الاستناد إلى نظرية (تعادل القوة الشرائية) أو ما يعرف بنظرية “ريكاردو” التي ترتكز على مبدأ بسيط مفاده أن قيمة العملة تتحدد على أساس قدرتها الشرائية، ومن ثم فإن سعر الصرف التوازني يجب أن يعبر عن تساوي القدرة الشرائية الحقيقية للعملتين المعنيتين.
أما أحد سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية الحقيقية، فهو التحرير الكامل للاقتصاد، والحرية الاقتصادية التي تقويه، حيث إن المملكة العربية السعودية تعدّ النموذج الأمثل في هذا الجانب، لأن حرية الاقتصادي هي المدخل للاستقرار دون أي تدخل من الدولة إلا في الصناعة الإستراتيجية المرتبطة بالأمن القومي.
نقول كلمتنا.. فليتهم يسمعون!!