جمال علي حسن

تفاعلات ندوة الإسلاميين في موضع الكسر القديم ٢


لنواصل ما بدأناه أمس من حديث في التعليق على الملاسنات وزفر الهواء الساخن بين شباب الإسلاميين في منبر لأمانة شباب الحزب الحاكم، تم تخصيصه للحديث حول الحوار الوطني.
وحاولنا أمس تفسير حدة التلاقي وتصاعد الأنفاس بين بعض شباب الحزبين المنفصلين، فسرناها بالتغييرات الطبيعية التي أكسبتها التجربة لكل من الحزبين بعد المفاصلة، فالشعبي تحول في تلك المرحلة إلى حزب معارض ليس بصفة مستقلة تماماً بل انخرط مع القوى المعارضة في تحالفاتها وتبنى مواقفها ومارس نشاطه في فضاءاتها وعاد بمحصلة الاحتكاك داخل هذا الملعب الذي أكسبه أفكاراً جديدة، وأثر على مواقفه من قضايا أساسية تتبناها القوى المعارضة بشكل يختلف عن الموقف الذي يتبناه الحزب الحاكم قبل وبعد المفاصلة.
كما أن الوطني حكم البلاد فترة أطول وخاض تجارب مختلفة طورت من تعاطيه مع نفس هذه القضايا وغيرها.. كانت هذه تقريباً هي الفكرة التي تناولناها أمس وركزنا على أن يرتفع وعي الإسلاميين بتحديات وصعوبات ستقابلهم في عملية مواءمة جسدهم المنفصل لو أرادوا تجميع أجزائه من جديد.
واليوم نريد أن نعكس فكرتنا حول موقف القوى الأخرى وغير الإسلامية من هذا التفاعل الذي يحدث بين الإسلاميين.. هل المطلوب من التيارات السياسية المعارضة والأخرى في الساحة السياسية أن تدعم توحيد وتجميع كيان الإسلاميين من جديد، أم المطلوب منها ولمصلحتها ألا ترحب بهذا التوجه وتعتبره خصماً على وزنها وفعالية دورها في الساحة السياسية بافتراض أن تلاقي الإسلاميين سيضعف من فرص التغيير الديمقراطي في السودان حسب تصورهم.
نعتقد أن المطلوب من كل القوى السياسية الصادقة في توجهاتها لإنجاز مرحلة تحول ديمقراطي حقيقي في السودان أن تدعم تلاقي وتوحيد الإسلاميين لأنه ومن خلال هذه المشاهد والتفاعلات التي تحدث بين قيادات الشعبي وقيادات الوطني أو بين شباب الحزبين فإن الجسم الجديد الناتج عن هذا التفاعل والتلاقي ستكون بنيته الديمقراطية أكبر من بنية الحزب الحاكم أو الشعبي الآن، وذلك بسبب عملية التطعيم والتلاقح الذي سيحدث بين المؤتمر الشعبي بأفكاره ومواقفه السياسية الجديدة وبين المؤتمر الوطني بعد خلاصات مكتسبة من تجربته الطويلة في الحكم.
لا تتخيلوا أن توحيد الإسلاميين سيعيد إنتاج نموذج الجبهة الإسلامية أو نموذج المؤتمر الوطني قبل المفاصلة بل سينتج هذا التلاقح كائناً حزبياً مختلفاً قد يكون أكثر قابلية لتبني أفكار ديمقراطية ورؤى غير شمولية بحكم طبيعة تكوينه.. ولا أعني بطبيعة التكوين فقط ذلك التراكم الجديد في تجربة المؤتمر الشعبي بعد العودة من تحالف المعارضة بل أعني أيضاً الموقف المتغير ذاتياً وتلقائياً للمؤتمر الوطني على الصعيد الداخلي والخارجي..
فالمؤتمر الوطني الآن ليس هو حزب التمكين الشمولي القديم، والمؤتمر الوطني الآن أكثر وعياً بخطورة الارتباط بجماعات أيدلوجية خارجية وطموحات متجاوزة للحدود في النظرة لدوره ومشروعه العالمي..
هو حزب سياسي سوداني يحتفظ بالحد المعقول من الصبغة الاأيدلوجية الإسلامية، ويحسب ألف حساب لأي موقف خارجي غير مستساغ إقليمياً أو موقف داخلي يقود لتأزيمات مع كيانات المجتمع السوداني.
أبداً لم أنظر لتفاعلات وملاسنات ندوة الإسلاميين على أنها تكتيكات سياسية من المؤتمر الشعبي، كما أنني لا أهمل عنصر المرارات القديمة في نفوس الشعبيين أو الاختلاف الداخلي فيما بينهم في الموقف من الحوار الوطني وسيكون لكل ذلك حسابه في معادلة التلاقح المفترضة.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.