صلاح الدين عووضة

خطيئة التفاؤل!!

*عتب علي زميلي (المتشائم) يوسف التاي أن أتفاءل..

*قال لي: كيف تتوقع أن يفعلها البشير ويُحدث (التغيير)؟!..

*وكان ذلك تعقيباً على كلمة لي توقعت عبرها حدوث تغيير (نوعي)..

*أي ليس محض تغيير (كمي) يستوعب الموالين والمتوالين ومن تبعهم بموالاة..

*تغيير يتوقف على القبول بتوصيات مؤتمر الحوار كما هي دونما (تلاعب) فيها..

*وقلت في كلمتي تلك أنني أكاد أجد ريح التحول هذا لولا أن تفندون..

*فإذا بصديقي التاي يجتهد في التفنيد دونما حيثيات موضوعية..

*فهو متشائم و(خلاص)، ولا يعجبه ألا يتشاءم الآخرون مثله..

*ونسي أن التشاؤم الذي يغمره كنت أنا (سيده) لأكثر من عقدين من الزمان..

*ولو رجع لأرشيف كتاباتي – طوال سنوات الإنقاذ – لوجدها كلها متشائمة..

*والغريبة أن الراحل عمر نور الدائم كان يعاتبني عتاباً معاكساً للذي من تلقاء التاي هذا..

*كان يغضب من تشاؤمي المتواصل ويقول إن السياسة لا تعرف التشاؤم..

*ويدلل على ذلك بتفاؤل أفضى إلى ثورتي أكتوبر وأبريل من قبل..

*وربما لو كان حياً الآن لازداد تفاؤلاً جراء المعطيات ذاتها التي جعلتني أتفاءل..

*أما المعطيات هذه فهي أن الحوار الوطني جاء بمبادرة من الرئيس نفسه..

*جاء والمعارضة في أضعف حالاتها بحيث لم يبق إلا تشييعها لمثواها الأخير..

*فهو- إذاً- لم يكن نتاج حالة ضعف تخوفاً من مصير مجهول..

*ولكن ربما كان نتاج قراءة للواقع تجاوزت المعارضة صوب (حتميات التأريخ)..

*وحتميات التأريخ المعاصر تقول إن الأنظمة (القابضة) لابد أن (تنفتح) كرهاً أو طوعاً..

*فمهما (قبضت) فسوف (تُقبض) روحها طال الزمن أم قصر وهذا معنى (كرهاً)..

*أما (طوعاً) فلم يحدث سوى مرات هي أندر من لبن العصفور..

*ومنها ما حدث عقب انتفاضة أبريل (السودانية) وفاءً بوعد قطعه سوار الذهب على نفسه..

*وهو وعد استصحب- بذكاء- ثورة الجماهير التي أرادت حكماً مدنياً (غير باطش)..

*وسوار الذهب – مهما اختلفنا حوله- أدرج اسمه في قائمة الشرف التي تمنعت على الكثيرين من أمثاله..

*فليس من السهل على أي حاكم عسكري التنازل عن السلطة بمحض اختياره..

*ولذلك راهنا على هذه القراءة من جانب البشير تدبراً في مصير أنظمة من حولنا..

*فإن صدق تفاؤلنا فيكون الرئيس قد اتخذ القرار (التاريخي) من منطلق قوة..

*وإلا فإننا ندين باعتذار لصديقنا التاي أن عكرنا (صفو تشاؤمه الجميل)..

*ثم نعود نستعذب اجترار الياس معاً كما في الأيام الخوالي..

*إلا إذا رأى أننا اقترفنا (خطيئة التفاؤل!!!).