الطاهر ساتي

الأعلى في الإقليم ..!!


:: قبل أسابيع، أصدرت وزارة الصحة بالخرطوم قراراً يُلزم صيدليات الخرطوم بعدم شراء أدوية ليست عليها ديباجة الأسعار، وكان 15 مارس الجاري موعد تنفيذ القرار..وبعد الموعد، نفذت السلطة الرقابية حملة تفتيش واسعة، ووجدت ما يرتقى بحيث تكون ( كوارث)..ووجدت صيدليات بلا صيادلة، بحيث العامل فيها إما طالب أو مكتسب ( شوية خبرة) بلا تخصص.. ووجدت أن أسعار بعض الأدوية أعلى (مما هو مجاز)، وكذلك وجدت أدوية بلا فواتير شراء.. ثم وجدت أدوية منظمات خيرية تباع للمستهلك..والأدهى والأمر أن الصيدليات التي إلتزمت بوضع الديباجة لم تتجاوز ( 10%) ..!!
:: تم إغلاق بعض الصيدليات والإنذار الأخرى، وهذا محض تخدير ..وتلك الكوارث، وخاصة التجاوز في الأسعار، أكبر من سلطات الخرطوم الرقابية.. كل ولايات السودان تعاني من هذه المخالفات، وخاصة من غلاء الأسعار ..والدراسة الموثقة لمنظمة الصحة العالمية، تقول بالنص : ( أسعار الدواء في السودان هي الأعلى في هذا الإقليم، وتضاعفت أسعار بعض الأدوية (18 ضعفاً) عن أسعارها في المؤشر العالمي، ويعزى ذلك الى هامش الربح الكبير الذي تضعه شركات الأدوية غير الملتزمة بالتسعيرة و الى الرسوم الحكومية المفروضة عليها)..وللأسف، السلطات الرقابية في بلادنا لا تكتفي بفرض الرسوم، وكان آخرها رسم (1%)، ولكنها تدفع الفقراء إلى الموت بالتخلي عن مسؤوليتها الرقابية..!!
:: ولو كان للخمول المسمى بمجلس الأدوية – أعلى سُلطة رقابية و يرأسها وزير الصحة المركزية – إرادة وعزيمة لما وجدت حكومة الخرطوم كل تلك المخالفات في صيدليات الخرطوم ..فالمجلس المركزي – رغم كل سلطاته الرقابية – بلا إرادة وبلا عزيمة، ولذلك صار حاله كما المواطن بلا حول ولاقوة..بالقانون، أسعار الأدوية بكل ولايات السودان هي ذات أسعارها بالخرطوم.. ولكن هذا المجلس الرقابي – كما الشركات – لا يحترم القانون .. والعالم المتحضر من حولنا، بواسطة أجهزته الرقابية الفاعلة، تجاوز منذ عقود مرحلة رقابة الأسعار الرسمية بالديباجات إلى مرحلة نشر الأسعار في المواقع الإلكترونية بحيث يكون المواطن – قبل السلطات – رقيباً على الأسعار..!!
:: ولكن في بلادنا أسعار الأدوية مخبوءة في (كتاب محفوظ)، بطرف مجلس الأدوية فقط.. ولا يتمكن – حتى الصيادلة – من الوصول إليه، وناهيكم عن المواطن المستهدف بهذه الأسعار..أسعار الأدوية غير محررة يا عالم، ومُلزم وكلاء الأدوية بتسجيل أسعار البيع للمستهلك – بسعر الدولار – في دليل الأدوية بالمجلس، وكذلك ملزمة الشركات والوكلاء بطباعة ووضع الأسعار قبل التوزيع.. فما الذي يمنع هذا المجلس الكسول عن توزيع دليل الأسعار الرسمي للصيدليات ونشره في موقعه الإلكتروني ليعرف المواطن سعر الدواء ثم يقاضي في حال مخالفة سعر الصيدلية لسعر (الدليل الرسمي)..؟؟
:: وبما الأدوية مدعومة بدولار الشعب، فما الذي يمنع حظر إستيراد أدوية لاتحمل ديباجة الأسعار الرسمية والمطبوعة من قبل مصانعها، كما يحدث في كل دول الدنيا والعالمين؟.. لا شئ يمنع غير الجشع و ضعف الرقابة ومراكز الفساد ..فالكرة في ملعب وزارة المالية وبنك السودان لحماية الفقراء من الموت حرماناً عن ثمن الدواء .. للمالية والبنك المركزي سلطة حماية الأسعار المدعومة، ونأمل أن تكون هي الترياق لجشع الشركات والوكلاء، فالسلطة الرقابية لوزارة الصحة ومجلسها الدوائي لم تعد ( محل ثقة)..!!
الطاهر ساتي – (إليكم – صحيفة السوداني)