نحن والأولمبياد
مشاهدة الألعاب الأولمبية متعة وأي متعة. شباب في أعمار الزهور يمارسون شيئاً يجوز تسميته بالشعر الصامت. أجسام تتثنى وتتلوى في رشاقة تصيب أمثالي بالعُقد النفسية. انظر عزيزي القارئ العربي إلى البناء الفسيولوجي لشباب الأولمبياد، ثم استرق النظر إلى بطنك (ولا أقول كرشك) وستحسب أنك مصاب بالاستقساء، أو أن قطر مصرانك الغليظ يبلغ نحو عشرين سنتيمتراً.
ولا يحسبن أحدكم أنني أتغزل بنساء الأولمبياد. حاشا – معاذ الله – واقع الأمر أن الاستمتاع بالألعاب الأولمبية يتطلب نسيان الفوارق بين الجنسين، فالذين يحاولون تحديد جنس اللاعبين سيصابون بالبلبلة، بل وقد يصبحون من المطالبين بمنع النساء من ممارسة الرياضة. هل تابعتم مسابقات السباحة النسائية، هل لاحظتم يا معشر الرجال النشامى أن الواحد منّا لم يطرأ بباله ولو للحظة واحدة أن المتسابقات يرتدين المايوهات. أقصد أنه لم يكن هناك خوف من «الفتنة» من مشاهدتهن. أجسامهن كالتماثيل الرومانية، عضلات في كل جزء من الجسم، حتى الحواجب ناتئة ومشدودة. ويطيب لي أن أنصح الرجال بعدم متابعة المسابقات النسائية في مجالي رمي الجلة والقرص. فالنساء اللائي يشاركن في تلك المسابقات لا يجوز أن يوصفن بـِ«اللطافة»، متوسط وزن الواحدة طن متري، لا تعرف إذا كانت مقبلة أو مدبرة. لها عدة أرداف في أجزاء مختلفة من الجسم. بعضهن «مربع» والبعض الآخر «دائري».
أعود فأقول إن الألعاب الأولمبية ممتعة، وإن النساء المشاركات يتمتعن بمهارات عالية ولكنهن نساء «مجازاً»، مما يقوم دليلا على أن الرياضة ضارة بالأنوثة أكثر من التدخين. فالتبغ قد يسبب سرطان الرئة وربما لا يسببه، ولكن الرياضة تحول المرأة إلى كائن من تلك الكائنات التي نراها في أفلام الخيال العلمي. وعلى كل حال فإنّ الرياضة إذا مورست بانتظام من قبل الرجال أو النساء تؤدي إلى عواقب وخيمة. فالرجل الذي يمارس المشي يومياً يصبح كائناً غير اجتماعي وقليل الكلام. أما المرأة الرياضية فأنها لا تصلح زوجة لأنّ إحساسها بقوة عضلاتها يجعلها تتطلع إلى المساواة بالرجل. وأسوأ الزوجات هن اللائي يطالبن بالمساواة مع الرجل! تخيل أن زوجتك مثقفة ورياضية في الوقت نفسه. معنى هذا أنها ستحاول أن تسلبك، أو على أقل تقدير، أن تشاركك في حقوقك «التاريخية»، وبما أن للنساء نزعات إرهابية غريزية فإنّ الزوجة الرياضية قد تستخدم عضلاتها لحسم الصراع الاجتماعي والطبقي لصالحها.
نساء الشرق أعقل من أن يرتكبن مثل تلك الحماقات. والمرأة العربية مسالمة ووديعة، ولأن زوجها يكون في غالب الأحوال مكتنز الاوداج ومتكرش البطن، وبلا رقبة فأنها تجامله إلى أبعد حد بمجاراته، بل والدخول معه في «مسابقة» لتكديس الشحوم، أما إذا فلت العيار فأنها تلجأ إلى الرجيم أو الحمية الغذائية، وهو ضرب من تعذيب النفس تمارسه النساء مرتين في السنة للتخلص من الوزن الزائد ولهن في ذلك أعاجيب وتفانين. ولو تقاضيت مقابلاً مادياً عن برامج الرجيم التي ترجمتها لزوجتي من الانكليزية لكان عندي من المال ما يكفي لإنشاء قناة تلفزيونية فضائية تبث الأفلام والمسلسلات المصرية التي باتت جميعها من «بطولة» فاروق الفيشاوي، إلى جانب نشرات الأخبار حول المكالمات الهاتفية بين الزعماء لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك.
على كل حال فإنّ المرأة العربية أثبتت أن الرياضة ترف عديم الجدوى. رجيم لأسبوع واحد وتتخلص الواحدة منهن من «الأمتعة» الزائدة. أما الرجل العربي فإنه «أصيل» ولا يحب التقليد، ومن ثم فإنه يفصح عن فخره واعتزازه بكرشه ويحلو له أن يتغزل به في الأمكنة العامة بأن يداعبه و«يطبطب» عليه بكفه. وله في ذلك حكمة. فإذا تفوق الغربيون علينا في سعة الأفق فأنهم لا يستطيعون مجاراتنا في سعة البطون.
(جعفر عباس – زاوية غائمة – صحيفة أخبار الخليج)