جمال علي حسن

مناوي يرتدي حزاماً ناسفاً


إذا كانت هناك ميزة تفضيلية أمنية للسودان عن غيره من الكثير من الدول العربية الأخرى في هذه المرحلة فإن هذه الميزة هي عدم وجود نشاطات إرهابية لجماعات دينية متطرفة داخل مدن السودان حتى الآن.
وبرغم الضائقة الاقتصادية والمعاناة والفقر والمرض والحروب والخلافات فإن الكثير من الدول والشعوب المجاورة للسودان تحسدنا على خلو بلادنا من النشاطات الإرهابية والتفجيرات والأحزمة الناسفة وذلك الوباء الإرهابي الديني الذي لم يترك عاصمة آمنة أو مدينة سياحية إلا ونثر أشلاء الضحايا على أرصفتها من قبل..
وهذه حصانة سماوية لبلادنا فبرغم توفر ظروف الخلافات السياسية والمشكلات الجهوية والتنوع العرقي والتعدد الديني والمذهبي والتمرد العسكري في السودان لكن مدننا وعاصمة بلادنا شبه خالية من مظاهر الإرهاب الديني هذا.
حتى فيروسات التلوث الفكري والتطرف الديني الموجودة في كل المجتمعات وإصاباتها موجودة أيضاً في السودان لا تمتلك تلك الفيروسات حتى الآن القدرة على الانتشار والعدوى والنمو وتكوين خلايا إرهابية سرطانية في جسد المجتمع.
هي مجرد لوثات وهوسات تصيب عقول بعض الشباب بشكل محدود حتى الآن.. وقد كنا قد حذرنا من التهاون مع مصادرها ومنابرها من قبل وكتبنا مقالاً تحت عنوان (داعشيون بيننا) أشرنا فيه لبعض حاملي هذه الفيروسات وطالبنا بمكافحة وجودهم في المجتمع.. وقد طالعت فيما بعد في ردة فعل على ذلك المقال هرطقات لأحد المصابين بلوثات التطرف من المحسوبين على الوسط الصحفي يعترض على تحذيراتنا من الداعشيين أي من جماعته.
المهم أن هذه الحصانة الفطرية للمجتمع السوداني ضد الإصابة بمرض الإرهاب الديني وثقافة الأحزمة الناسفة والتفجيرات الانتحارية، لا تعني إهمالنا كسودانيين للتطعيم المستمر ووقاية أنفسنا من الإصابة بهذا المرض الخطير ومن أولى أوليات وإجراءات الوقاية أن تعي كل القوى السياسية الواعية خطورة توظيف قضية الإرهاب الديني لخدمة أجندات سياسية لأن محاولة توظيف هذا الملف من جانب المعارضة أو الحركات المسلحة ضد الحكومة يعني تدمير السودان بالكامل، وتحويله إلى مكان غير آمن للحياة الطبيعية الآدمية حتى ولو تحقق حلمهم فيما بعد ونجحوا في إسقاط وتغيير النظام الحاكم فلن يجدوا بلداً يحكمونه من الأساس بعد تدعيش السودان الحالي وتمزيق جسده بهذا الحزام الناسف.
بيان حركة مناوي وحديثها عن وجود جماعات إرهابية إسلامية في شمال دارفور هو نوع من الكذب المدمر للسودان وليس ذلك الكذب المدمر لنظام سياسي حاكم..
الزعم بوجود جماعات إرهابية إسلامية داخل السودان الآن أو محاولات التحريض على إيجاد مثل هذا النوع من الجماعات ليس لجوءاً إلى سياسة الأرض المحروقة فقط كما في الاصطلاح بل ستكون حماقة تأريخية بزرع قنابل تدمر وجود السودان بالكامل..
حذار من اللعب بالنار التي تحرق الجميع وتدمر كل شيء.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
جمال علي حسن – (جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي)