صلاح الدين عووضة

بنت العمدة !!


*مفردة (سقد) – أي عقرب – كان أول ما ألفت أذناها ليلة وصولها حلفا قُبيل التهجير ..
*فقد لُدغ من الجيران ثلاثةٌ – في تلكم الليلة – مات أحدهم قبل مطلع الفجر..
*وإذ شرد ذهنها نحو بلدتها بأقصى الجنوب النوبي – استصراخاً للأمان – طفق زوجها يهدئ من روعها بكل الذي أُستحفظه عن جده (شهوده) من عبارات التوكل..
*وفضلاً عن الأمان فقد كانت تنعم بأمان خاص لم يُفطر الأهلون على حسدٍ تجاهه بما اُسترضعوا من ثدي (الحضارات) ..
*فهي (ابنة) العمدة محمود ، (ابن) العمدة محمد محمود ، (حفيد) الملك بشير ..
*ومن جهة الأم فهي (ابنة) روضة ، (ابنة) ساتي ، (ابن) فقير الذي قيل أنه كان يضاهي العمدة (ثراءً) في ذياك الزمان ..
*ورغم الذي حظيت به من (أفضال الإله) هذا إلا أنها طُبعت على (بساطة) اشتهرت بمثلها والدتها..
*والدتها التي كانت معاناتها مع لغة (الضاد) تماثل معاناة أحفادها مع لغة (الأجداد) ..
*وأحد أحفادها هؤلاء- وهو كاتب هذه السطور- ما كان يتوجه بكلمة (يو) سوى للجدة هذه عوضاً عن الأم ..
*فقد كان يراها – حسب تقديره في تلكم السن – (أصغر) من أن يحسبها أماً له ..
*فهي كانت ابنة ستة عشر ربيعاً حين زُوجت لابن أكرمين من البلدة (طموح) ..
*وبفضل طموحه هذا أضحى مديراً لمصنعي البلح والتعليب بكريمة وهو لما يتجاوز عمر التكليف النبوي إلا قليلا ..
*ونما مع نمو (بنت العمدة) شعورها الفطري بالبساطة تجاه الناس حتى صارت مضرب مثل في حسن المعشر..
*ثم لا تزال تستلهم من بلدتها (الصخرية) تلك قيماً مجتمعية اشتهر بها أهل (الخندق) أجمعون ..
*فهي قيم استمدت جمالها من جمال تدرجها الحجري صوب أشجار – عند الشاطئ – تقف شاهدة على (مؤانسات القهوة من عهد البشير) ..
*أما أجواء (سقاة الكأس من عهد الرشيد) فقد عصم الله منها أبناءها مناً من تلقائه تجاهها هي وزوجها فيما نظن و(نشهد) ..
*ورغم عدم إيماني بـ(بدعة) عيد الأم إلا أنني وجدت نفسي مدفوعاً لأن أكتب الذي كتبت هذا عله يشفع لي (عندها) في دنيانا هذه..
*أما في آخرتنا فـ(رحمة الله) هي التي يطمع فيها أمثالنا ممن تناوشتهم سهام زماننا هذا..
*تناوشتهم حتى كادت تجعل أفئدتهم – مثل جيوبهم – (خواء)..
*أمي بنت العمدة : ( الله يسلمك).
صلاح الدين عووضة – (بالمنطق – صحيفة الصيحة)