جعفر عباس : إعدام حمار بتهمة التحرش
نشرت صحيفة خليجية خبراً لمراسلها في العاصمة الأردنية عمان جاء فيه أن رجلاً يمثل أمام المحكمة بتهمة قتل حمار جاره. نعم والله العظيم، هكذا قالت الصحيفة، بل وذكرت وعلى وجه الدقة أن «القاتل» أطلق النار على الحمار الأعزل فأرداه قتيلا. والسبب؟ الحمار القتيل الذي مات في عز شبابه كان قد أتى أمراً منكرا.. كيف؟.. يقول الجاني أن القتيل – أي الحمار – اعتدى على شرف حمارته، فلم يتمالك أعصابه فتناول بندقيته وأطلق النار على الحمار وهو متلبس بالجرم المشهود، عملاً بقول الشاعر الحداثي المعاصر:
لن يسلم من الأذى شرف الحُمر
حتى يراق على جوانبه دم البشر
والدفاع عن الشرف أمر تكفله جميع القوانين السماوية والوضعية، ولكني لا أفهم لماذا لم يطلق صاحبنا النار على حمارته أيضاً لأنها طرف في الجريمة، فليس من المستبعد أن القتيل لقى تشجيعاً من جارته الحمارة، وأن علاقة محرمة نشأت بينهما. بل وربما شجعت الحمارة حبيبها الراحل على الزواج بها سراً لأنها كانت تعرف أن صاحبها لن يوافق على مثل تلك الزيجة. يعني من المحتمل جداً أنهما تزوجا عرفياً، ولكن الاحتمال الأكبر أن الحمارة لن تعترف بذلك أمام المحكمة، فبعد أن ترملت وهي في عز شبابها، ليس من مصلحتها أن تفقد عائلها الذي هو صاحبها لينطبق عليها المثل «ميتة وخراب ديار».
وأجد نفسي متعاطفاً مع الحمارة حتى لو تسترت على القاتل لضمان قوت يومها، ولكنني لا أتعاطف كثيراً مع صاحبها الذي لا يحترم حقوق الحيوان، والذي وضع نهاية مأساوية لقصة حب صاخبة، أليس وارداً أنه قتل الحمار المسكين من منطلق عنصري أو طبقي؟
يعني ربما اعتقد أن حمارته بنت ذوات وأكابر وأن عشيقها أو زوجها «السري» ذو أصول تعبانة بروليتارية! وربما أعتقد أن حمارته من الجنس الآري أو «شعب» الله المختار فراعه أن يراها في علاقة حميمة مع حمار بلدي شرق أوسطي عادي! وربما كان يعد حمارته للاقتران بحمار ابن عمه أو ابن خالته فجن جنونه عندما ضبطها في وضع شائن مع حمار عديم الحسب والنسب! كل ذلك وارد ولكنه لا يغفر لصاحبنا التشبث بنزعات استعلائية عفا عليها الزمان، لقد انتهى زمن التعالي العرقي والطبقي وأصبحت الحمير ومعظم الحيوانات مصانة الحقوق، وهنا لا بدَّ أن أشيد بالجهد المقدر الذي ظلت تبذله بريجيت باردو (بي. بي.) للدفاع عن حقوق الحمير المدنية ولعل معاداتها للعرب والمسلمين المقيمين في فرنسا وتفضيل الحمير والقطط عليهم يعود إلى «بُعد النظر» الذي تتحلى به.
وياما نهق جيلنا كلما ظهرت بي. بي. على الشاشة على أيام شبابها الغض وجسمها البض، ولكننا تخلينا عنها لأننا متعصبون وشوفينيون فتحولنا بعواطفنا إلى فيفي عبده وليلى علوي وما إلى ذلك من إنتاج محلي. ولأنها بعيدة النظر فإنّ بي. بي. أدركت أنه لا أمل يرجى في العرب العاربة والمستعربة، فإذا انفضوا من حولها وفيها بقية من جمال فماذا سيكون حالهم معها وقد تحولت بفعل الزمان إلى شيء أشبه بضفادع الأمازون؟
وعلى كل حال فإذا أفلت الجاني من غضب باردو فإنه قد لا يفلت من عقاب مجلس الأمن إذا ثبت أن الحمار القتيل من سلالة أوروبية، وفي جميع الأحوال فإنه لن يفلت من غضب الرئيس الأمريكي أوباما لأنّ شعار الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه هو «الحمار» على أساس أنه لا يمكن أن يصوت شخص لصالح امرأة مثل هيلاري كلينتون ما لم يكن حماراً.