صلاح الدين عووضة

الجهنمية !!

*ونحكي اليوم عن قصة عجيبة قد يصعب تصديقها..

*فهي إلى عوالم الاستبصار والاستلهام و(التليباثي) أقرب..

*فما كل حقائق الوجود يسهل على العقل التعامل معها بمنطق الأشياء..

*فمنا- مثلاً- من مر بتجربة سماع اسمه يُصرخ به من غياهب المجهول..

*ومنا من رأى مناماً تجسد واقعاً أمامه بعد أيام أو أسابيع أو شهور..

*ومنا من استشعر تحذيراً بداخله إزاء خطوة ما فصدقت مخاوفه..

*ومنا من يصحو من نومه (مقبوض القلب) فيموت عزيز له..

*وحكايتنا الغرائبية هذه بطلتها طفلة في العاشرة من عمرها..

*أو هي ما زالت بطلتها- إلى الآن- بعد أن ازدادت من السنوات عشرين..

*فمن بين أشجار بيتها كلها وجدت نفسها منجذبة إلى واحدة بعينها..

*فوالدها كان موظفاً كبيراً بالمدينة ومُنح داراً حكومية ذات حديقة..

*وكانت هي تُهرع كل صباح نحو هذه الشجرة لتقف أمامها فيما يشبه التبتل..

*كانت تناجيها وتجزم أن تجاوباً من تلقائها- الشجرة- تحسه بلغةٍ غير بشرية..

*ثم لا تخلد إلى فراشها ليلاً إلا بعد مناجاة مماثلة تحت ضوء الحديقة الخافت..

*وذات ليلة تمت المناجاة المسائية وضوء قمر (14) يطغى على ما عداه..

*ولحظتها أبصرت ما جعل قلبها الصغير يخفق خفقاناً رأت آثاره أعلى قميصها..

*وأحست بشعرها الناعم يصير مثل حراب سور الحديقة المشرئبة نحو الأفق..

*والعينان البريئتان استدارتا – على اتساعهما- لتبدوا كريالين معدنيين..

*أما الذي شاهدته- وأثار فزعها- فقد كان وجه شاب يحدق فيها بعينين حزينتين..

*أثار فزعها رغم وسامة كانت بادية على محياه القمحي..

*وامتنعت أياماً عن مناجاة (الجهنمية البيضاء) رغم شوقها الشديد إليها..

*ما كانت تقربها أبداً – خلال تلكم الأيام- مكتفيةً بالنظر إليها عن بعد (نهاراً)..

*ثم حين عاودت التبتل (الطفولي) عند محرابها لم يظهر لها الوجه مرة أخرى..

*بل لم يظهر لها إلى أن أُحيل والدها إلى المعاش وانتقل إلى منزله الخاص..

*وحتى بعد أن حرصت على وجود جهنمية مماثلة في البيت الجديد لم يظهر لها..

*ولكنه فعل عقب ذلك بسنوات أثناء حفل زواج إحدى صديقاتها..

*رأته عياناً بياناً- الوجه ذاته رغم آثار السنين- يحدق فيها بـ(عينين حزينتين)..

*ويختم زوجها القصة قائلاً (وتم الزواج من بعد رفض في بادئ الأمر)..

*رفض من جانب أهلها بسبب تجربة زواج (فاشلة) له فضلاً عن فارق السن..

*ولكنها انتصرت لحبها – يقول- إيماناً منها بـ(قدرية) حادثة الجهنمية..

*والآن – يقول ضاحكاً- (أيقونتها جهنمية !!!).