جمال علي حسن

تعنت المعارضة.. وقناعات ستيفن الإسعافية


مشكلة المعارضة المسلحة مع خارطة الوساطة الأفريقية أو مع أي بادرة منطقية عادلة للحل لم تعد هي مشكلة خاصة بمحتواها أو بتقاطع بنود مثل هذه الخارطة مع رؤية وموقف المعارضة بل أصبحت المشكلة تتلخص في أن الحكومة وقعت على هذه الخارطة.. هي مشكلة حقيقية بالنسبة للكثير من هؤلاء.. فطالما أن الحكومة وقعت عليها فإن ذلك بنظرهم يعني أن تمتنع المعارضة عن التوقيع عليها.. حتى ولو كانت نقاط الخلاف حولها محدودة وقابلة للتفاهم بشهادة رئيس حزب الأمة نفسه والذي قدم هذه الشهادة الصريحة عن خارطة الوساطة وختم قوله (لكن أمبيكي استعجل)..!!
ومنطق الأمور كان يجعل الكثير من المراقبين يتوقعون أن يجلب تعنت المعارضة وعدم توقيعها على الخارطة بعد نهاية المهلة يجلب لها مواجهة مع الأطراف الأفريقية والدولية وربما تجفيف للدعم الخارجي الذي تتحصل عليه لكن تصريحات القائم بالأعمال الأمريكي قبل يومين كانت بمثابة تصريحات تطمينية لهم وإسعافية لموقف الحركات المسلحة حين نفى أن تمارس بلاده ضغوطاً على الحركات المسلحة للموافقة بخارطة الطريق وحديثه عن صعوبة أن يأتي الحل للمشكلة السودانية من الخارج ، وقوله (لابد أن يأتي الحل من السودانيين أنفسهم).. وهي كلمة حق أريد بها باطل..
فمتى آمنت أمريكا بهذا المبدأ وطبقته عملياً؟ متى كان سلوكها يعزز هذا الحديث؟ متى كانت تكف عن التدخل في الشؤون والقضايا الداخلية؟ ومتى اقتنعت بأن تكف عن دعم الحركات المتمردة وتأجيج الصراعات..؟
هذا المبدأ الذي تحدث عنه ستيفن كوت القائم بأعمال السفارة الأمريكية في الخرطوم لا يوجد لدى أمريكا رصيد من السلوك العملي الذي يدلل على إيمانها به.
أم أنها اقتنعت بهذا المبدأ الآن بعد أن تأكد لها وللعالم أن الحركات المسلحة والمعارضة بدت غير موضوعية ومتعنتة ولا تريد التوصل إلى حل فأرادت أمريكا أن تسحب يدها وتقول لهم (على كيفكم)..؟!
خارطة الطريق هذه لم يضعها المؤتمر الوطني بل لم تأت هذه الخارطة متطابقة مع رؤية الحكومة مائة بالمائة لكن المفاجأة كانت في قرار الحكومة بالتوقيع فوراً ودون تردد عليها..
هذا القرار (لخبط) حسابات الكثير من الأطراف ثم تبعه رفض المعارضة المسلحة على التوقيع لـ(يلخبط) حسابات داعمي المعارضة الدوليين فلم يكن أمامهم إلا العودة إلى مكتبة الأخلاق السياسية وحدود العلاقات الدولية ليحدثونا بلغتها وهم يتحدثون اليوم فقط عن أن الحل للمشكلة السودانية لا يأتي بضغوط خارجية..!!
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
جمال علي حسن – (جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي)