المشهد الآن
تتواتر الأخبار من كل أطراف جنوب كردفان عن الأوضاع في جبهات القتال بعد أن تعنتت الحركة الشعبية وطغت وتجبرت، وظنت أنها تستطيع تحقيق أحلامها وأهداف الذين يقفون من خلفها وأمامها.
وحتى التوقيع على اتفاقية خارطة الطريق وهي مجرد إعلان مبادئ للحل يحدد القضايا المختلف حولها والتي ينبغي الحوار حولها تمادت في غيها، وما كان أمام الدولة من خيار سوى فرض السلام من خلال استعادة المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية في محليات “هيبان” و”أم دورين”. وخرجت “كادقلي” أمس استقبالاً للمهندس “إبراهيم محمود حامد” رئيس الوفد الحكومي المفاوض، وهي تمني النفس ببث وسائل الإعلام أخباراً سعيدة من جبهات القتال، ولم يخب الرجاء والأمل ليعلن اللواء د. “عيسى آدم أبكر” والي جنوب كردفان عن دخول القوات المسلحة منطقة عقب شرق كادقلي التي حشدت الحركة قوات كبيرة للدفاع عنها، ولكنها لم تصمد لساعة واحدة أمام ضربات القوات المسلحة الموجعة فولت الأدبار هاربة، وقبلها أي مساء (السبت) دخلت القوات المسلحة منطقة “مرديس” بجبال الكواليب جنوب شرق الدلنج، وقد دخلتها القوات المسلحة في رابعة النهار الأغر، وفتحت الطريق نحو مناطق السرفاية وجبل روابة وهيبان. وقد أعلن الوالي د. “عيسى أبكر” أن السلام بات قريباً جداً على أرض الواقع، بعد أن تمنعت الحركة عن التوقيع على اتفاقية سلام تنهي النزاع.
إن الأوضاع في جنوب كردفان تتجه الآن لواقع جديد على الأرض وواقع دولي وإقليمي بعد أن رفضت الحركة الشعبية كل المطروح من عروض تحقيق السلام، وخسرت حلفاءها الذين ضاقوا ذرعاً بتعنتها ورهانات خاسرة تعول عليها ولا تلقي بالاً لمعاناة المواطنين الذين اتضحت مطالبهم ورغباتهم في السلام ولا شيء غيره. الآن وقد كشف “ياسر كباشي” أحد أبرز القيادات السياسية من أبناء جبال النوبة ومعتمد كادقلي، أن القوات المسلحة التي تدك حصون التمرد الآن وجدت من الدعم الشعبي والسند الجماهيري ما جعلها تقاتل بضراوة وشراسة، وقد صنعت النساء زاد المجاهد من قوت الأبناء لإيمان أهل المنطقة بدور القوات المسلحة في تأمين الأرض، ومن ثم لابد من تفاوض سياسي ينهي النزاع، لكن الآن تقول القوة كلمتها وحتى تقتنع الحركة بالسلام وتكف عن الرهان على العنف.
من واقع ما يجري على الأرض فإن القوات المسلحة قادرة على استعادة المحليات التي سطت عليها الحركة في غسق الليل وإذاقت مواطنيها مر العذاب، فإن ما بعد التحرير يتطلب خطة إسعافية من المركز والولاية لمقابلة استحقاق العودة الطوعية، وتقديم الخدمات الأساسية لهؤلاء المواطنين وعودة الجهاز الإداري والمدني وإعادة الموظفين لمواقعهم التي فقدوها، وترتيبات حماية المواطنين من التمرد، وتلك مهمة شاقة وصعبة وتحتاج إلى مال مركزي لا يتوافر لحكومة الولاية الآن.
ما أن بدأت القوات المسلحة تدق عنق التمرد وتطحنه في ميدان القتال بدأ النحيب والبكاء وذرف الدموع خوفاً ورعباً من قبل المساندين للتمرد في وسائل الإعلام، ومناضلي الاسافير الذين لا يقاتلون مع من يشجعون ولا يستطيعون الجهر بانتمائهم للتمرد. وأغلب هؤلاء يتخفون في الخرطوم والمدن الكبيرة يمارسون التخذيل وطعن القوات المقاتلة بسلاح الشائعات القاتل، وبعض هؤلاء يدعون حرصاً على أرواح المواطنين وكأن الحركة الشعبية هي رءوفة ورحيمة بالمواطنين وهي من يقتل ويسحل عشية وضحاها، وأغلب الذين يناصرون التمرد اتخذوا هذه الأيام من الدعوة للسلام في القروبات منهجاً لهم، وهم الذين كانوا يضربون على طار الحرب ظناً أنها قد تسقط النظام ليعودوا لفسادهم في الأرض، كما حدث من قبل إبان الفترة الانتقالية.
على الحكومة مواصلة فضح الحركة الشعبية من خلال كشف مواقفها الرافضة للسلام داخلياً وخارجياً، ودعم المجهود القتالي حتى يصبح هذا الصيف حارقاً جداً لقوات التمرد.