السر في البكاء ..!
حكاية ألهمتني جداً، فأحببت أن أشارككم بها .. يقول صاحب الحكاية ..
( .. لي دعاء تأخرت إجابته طويلاً، حتى بت أجرب طرقاً كثيرة لعل الله يستجيب .. ولكن تأخرت الاجابة، ومع علمي بحكمة الله تعالى في هذا فأنني أعلم ان وراء تأخر اجابة الدعاء فوائد عظام قد حصلت عليها .. كنت أعلم أن هناك سراً أو أسراراً وراء استجابة الدعاء قد يعلمها من منّ الله عليه ببعض العلم .. فكنت ابحث عنه .. وكان سؤالي هو (ماسر إجابة الدعاء سريعاً .. وهل هنالك طريقة خاصة لذلك) ..؟!
إلى أن جاء يوم كنت فيه مهموماً جدا وبكيت شاكيا لله وحده، مناجياً إياه حول هذا الهم العصي .. ثم ما أصبح الصبح حتى واساني ربي بأمر عجيب، لقد أجاب دعائي .. وتكرر هذا الموقف معي في حادثة أخرى بعد أشهر، حيث بكيت لله وحده في أثناء الدعاء، وإن هي إلا ساعات حتى استجيب دعائي .. فانتبهت إلى أن السر في البكاء ..!
كنت أقرأ في سورة يوسف وأستوقفتني آيات بكاء النبي يعقوب عليه السلام كثيرا عندما فقد ابنه يوسف ثم بنيامين، عوتب من قبل ابنائه، وقيل له كفى بكاء .. انت نبي .. كيف تبكي؟! .. (وتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ. قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ) .. فبماذا أجابهم؟! .. (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) ..!
(فَلَمَّا أَن جَاء الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) .. هل انتبهت؟! .. يعقوب عليه السلام، حسب علمه الرباني، كان يعلم ان الله يستجيب عندما تبكي بحضرته ..!
وعندما بكت السيدة مريم في موقفها العصيب وتمنت الموت( فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً) .. كانت الاستجابة سريعة (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً.وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً. فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً) .. هل انتبهت الى كلمة (وَقَرِّي عَيْناً )؟! .. هل انتبهت الى تلك المواساة ..!
ثم عندما بكى سيدنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم رجوعه من الطائف وهو حيران بين شماته أهل مكة وكسران قلبه الشريف من موقف أهل الطائف وما اوذي به .. بكى الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم ) في دعائه … فماذا كان ..؟!
واساه ربنا سريعا وقربه اليه في حادثة الاسراء والمعراج الى مكان لم يقرب اليه احداً من خلقه، مواساة وتشريفاً لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ..!
وها أنذا أبكي في دعائي أو اتصنع البكاء حتى، لكي يراني ربي هكذا، عسى أن يجيب دعائي ..)!