الطاهر ساتي

الثغرات .. (1)


:: نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة المصرية، عقب عودتها إلى بلادها، لقناة الحياة : ( القضية تجاوزت مسألة الغش في الامتحانات إلى قضية أمن قومي نظراً للأهمية التي توليها الحكومة السودانية للشهادة الثانوية التي يلتحق بها الطلاب العرب والأجانب سنوياً، وأن المشاورات مع الجهات المعنية بالسودان أثمرت عن تعهد من الجانب السوداني بالإفراج عن الطلبة خلال الأسبوع المقبل)..هكذا تحدثت المسؤولة المصرية عن قضية بعض طلاب مصر في إمتحانات الشهادة السودانية..وهذا أول تعليق للسلطات المصرية، ويختلف عن حماقة السلطات الأردنية التي سار على ركبها الإعلام الأردني ..!!

:: وما طرح الإعلام المصري القضية بموضوعية إلا بعد أن زارت المسؤولة المصرية موقع الحدث وإطلعت على وقائعها ثم خاطبت شعبها بمسؤولية وشجاعة..عكس السلطات الأردنية التي تبدو وكأنها نهضت من نومها (مخلوعة)، و شرعت ترغي و تزبد وتضلل الرأي العام ثم تسئ للشهادة السودانية ومكانتها الإقليمية والعالمية في محاولة مكشوفة للتستر على جرائم بعض بني جلدتها وأخلاق بعض طلابها و أولياء أمورهم.. ربما كانوا يريدون – لهؤلاء الطلاب – نجاحاً بالغش أو تفوقاً بالخداع، فأغضبهم كشف الغش وضبط الخداع، وليس هناك أي تبرير آخر لحماقة السلطات الأردنية ..لقد أخطأت السلطات الأردنية – وإعلامها – في حق بلادنا وتعليمنا.. فليكن الإعتذار الصريح مقابل تنفيذ كل الإتفاقيات الموقعة بين البلدين في مجال التعليم ( العام والعالي)..!!

:: ثم من الحكمة أن نقف عند دروس أول جريمة منظمة تستهدف سلامة الشهادة السودانية، ونسد الثغرات لتظل الشهادة كما هي ( قوية وراسخة) رغم أنف نائب رئيس الوزراء الأردنى ..فالوقائع تشير بأن الحدث ليس مجرد حالات غش يمارسها الطلاب – بحالات فردية – في كل بلاد الدنيا والعالمين، بل هي شبكة ذات عدة وعتاد وخبرة و( علاقات).. وبشبكتها وعدتها وعتادها – وعلاقاتها – نجحت في تنظيم جريمتها بحيث تقنع وتجمع مجموعة طلاب دولتين ليكونوا من ضحاياها..ومن المحزن أن يتم تخطيط هذه الجريمة الأخلاقية والتربوية بكامل التنسيق والإتفاق مع أولياء أمور الطلاب الذين يتباكون في شوارع الخرطوم بلا حياء، وكأن من دفع تكاليف الغش للعصابة هو السودان و ليس سوء تقديرهم و أخلاقهم..فأي ولي أمره هذا الذي يخطط دروب الغش – و يدفع تكاليف الخداع – لإبنه المراهق ثم لا يستر نفسه وابنه الضحية بالصمت الخنوع ..؟؟

:: ولقد أخطأت السلطات التعليمية التي وعدت وزيرة الهجرة المصرية بالإفراج عن الطلاب خلال هذا الأسبوع، فالسلطات التعليمية لا تملك هذه السلطة .. سلطة الإفراج عن الطلاب و غيرهم سلطة نيابية وعدلية..وما لم تكتمل التحريات خلال أسبوع أو عام – بحيث تتبين للعدالة الجاني من المجنى عليه ثم تساق الجناة الأجانب و السودانيين الى المحاكم – فتكون السلطات السياسية قد إرتكبت جريمة في حق العدالة والشهادة السودانية.. نعم، لا للإفراج عن الشهود الصغار أو كبار الجناة – قبل أن تقول المحاكمة كلمتها – لإرضاء (العلاقات السياسية)..وقد لا تعلم السلطات التي وعدت وزيرة الهجرة المصرية بأن قوة القانون هي التي تكسب الدول هيبتها، و أن إضعاف القانون – بمثل هذه الوعود الشتراء – هو المدخل لإضعاف الشهادة السودانية، فلتنتبه وزارة العدل ..ردع الجناة- وخاصة بني جلدتنا – أمام الرأي العام بالقانون، هو سد ( الثغرة الأولى) ..!!