يوسف عبد المنان

يظلمون الرئيس


يتعرض الرئيس “عمر البشير” لظلمٍ وتجنٍ في وسائل الإعلام العالمية، وظلم من وزراء حكومته والمسؤولين عن الإعلام في الحكومة والقصر حينما تتقاصر الهمم وتموت الرؤية عن كيفية تقديم خطاب الرئيس لـ(الناس) وللعالم. وقد أمضى الرئيس خمسة أيام في ربوع دارفور.. تتصل أنشطة النهار بالليل.. يفتتح مشروعات.. يخاطب لقاءات، يعقد جلسات مشاورات وكشف حساب أبيض لأداء حكومته، وطائرات ترافق الرئيس تفيض بالإداريين وأدعياء تمثيل الإعلام ورؤساء التحرير في الخرطوم هاهنا ينتظرون ما تجود به حصيلة المحررين الذين تم اختيارهم لتغطية زيارة الرئيس. وأغلب المحررين يؤدون عملهم في تفانٍ وإخلاص واجتهدوا في تغطية الحدث، ولكن أين التحليل؟؟ وأين قراءة ما وراء الحدث من الكُتاب ورؤساء التحرير؟؟
أين مشاهدات الكُتاب لصورة الجماهير في الضعين ونيالا والفاشر؟؟ لم تدعُ الجهات (المختصة) رئيس تحرير واحد لمرافقة الرئيس في زيارة داخلية هي الأهم خلال العشر سنوات الأخيرة.. وكان يمكن دعوة أكثر من (20) رئيس تحرير، وكاتب زاوية ورأي، ومديري الإذاعات حتى الخاصة والتلفزيونات الأربعة لمرافقة رئيس البلد!! من حق الرئيس علينا أن نمنحه حقه!! نوفيه بكلمات وهو يجلس من الساعة الثامنة حتى الثانية عشر منتصف الليل يتحدث لقيادات دارفور ويفتح كتاب مشاركة دارفور السياسية في السلطة، ونصيب دارفور في الثروة والتعليم.. والصحة والطرق.. ومعلومات جعلت كل الذين فاضت بهم قاعة فندق “مشاعر الدولب” في نيالا يهمهمون فيما بينهم (والله يا جماعة نحن ما مظلومين) أين الكتاب من مثل هذه الجلسة؟؟ وقد يقول قائل من عباقرة الإعلام الذين يظلمون رئيسهم.. وحزبهم وتجربتهم إن خطاب الرئيس مبثوث على الفضاء، لكن هل الكاتب يقرأ فقط الأرقام الجامدة؟؟ أم ما وراء تلك الأرقام وانفعالات الناس بالحدث؟؟
أن يمضي الرئيس خمسة أيام في دارفور، وتخرج الجماهير بتلك الكثافة والانفعال الإيجابي باستحقاق الاستفتاء الإداري، إنه حدث كان يمكن تسويقه عربياً وعالمياً بصورة أفضل.. وقد اجتهد مدير الإعلام الجديد “أبي عز الدين” في دعوة التلفزيون الصيني والياباني وصحافيين من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.. وكان يمكن لـ”أبي عز الدين” أن يدعو رؤساء تحرير الصحف وتجاوز رأيه الشخصي فيهم وموقفه الذاتي من الصحافيين السودانيين، لأن الحدث يستحق التوثيق والقراءة.. وكان الراحل “محمد محجوب سليمان” في عهد مايو و”عمر الحاج موسى” يفتحون أبواب السودان بدعوة “فؤاد مطر” من لبنان و”يوسف الشريف” من مصر.. و”نبيل حبيقة”.. وحتى في تسعينيات القرن الماضي كان د.”أمين حسن عمر” يدعو “عفاف زين”.. و”يوسف خازم”.. وكثيراً من الكُتاب المصريين المعروفين لزيارة السودان وتغطية بعض المناسبات.. ولكن اليوم رغم الانفتاح عربياً وخليجياً لا يزال “مصطفى سري” يخصص صفحات من الشرق الأوسط السعودية لـ”مالك عقار” و”ياسر عرمان” وكان يمكن دعوة مراسل الشرق الأوسط في الخرطوم وهو صحافي مهني.. ودعوة قناة الجزيرة والعربية وأبو ظبي.. والحرة.. وكثير جداً من المنابر والكُتاب العرب يشهدون على ما حدث في دارفور؟ ولكن من يقدر جهد الرئيس ويمنحه حقه؟؟
كادت أن تجعل الزيارة من قضية الاستفتاء الإداري لدارفور شأناً محسوماً لولا موقف د.”التجاني سيسي” المبدئي الذي جعل للاستفتاء مذاقاً وطعماً وهو يقف مع خيار الإقليم الواحد دون تعصب أو مغالاة.. ولا مباغضة وهو يجلس لجوار الرئيس في الطائرة.. ويقدمه “البشير” بكل تقدير واحترام في اللقاءات ليقول كلمته.. و”البشير” يرسي سلوكاً جديداً في كيفية التعبير عن المواقف (المختلفة) من منبر واحد دون شطط أو خصومة أو (مباغتة) وقد حسمت الجماهير التي هتفت تطالب بالولايات.. بل زيادتها في بعض الحالات، مسألة الاستفتاء شكلياً ليبقى صندوق الاقتراع في الحادي عشر من أبريل الجاري مفتوحاً لطي آخر صفحات اتفاق الدوحة واستحقاقات السلام، ولنا عودة.