بدون فائدة..
وصلت إليّ هذه القصة القصيرة جد عن طريق وسائط التواصل الاجتماعي، أعجبتني.. بل استهوتني، ورأيت فيها واقعاً نعيشه، ولا بد من أن نلفت النظر إليه في بحر ظلمات الانشغال الذي نبحر فيه يومياً وراء ما نسيمه بـ(الجري وراء لقمة العيش)، في حين أن الأرزاق على الله وحده، ولكن أكثر الناس يبددون الجهد العقلي والعضلي، ويضيعون الوقت في ما يضر ولا ينفع.
نعود للقصة التي تحاول تعريف الاقتصاد العالمي، من خلال قالب حي ومتحرك لأحداث نعيشها، لكن الكثيرين منا قد لا ينتبهون للتفاصيل.. وتقول القصة التي رأينا إشراك القارئ الكريم معنا فيها:
في بلدة صغيرة، تبدو شبه مهجورة، مثل غيرها من المدن التي تمر بظروف اقتصادية صعبة، وجميع سكانها غارقون في الديون، ويعيشون على الاقتراض، والذي هو دليل على التردي الذي وصل إليه حال الناس.
فجأة يأتي سائح أجنبي وغني إلى المدينة، ويدخل إلى بهو الفندق الحديث، ويضع مائة دولار على “كاونتر” الاستقبال، ويذهب لتفقد الغرفة المتاحة في الطابق العلوي، لاختيار غرفة تناسبه، وتليق بوضعه المالي.
في هذه الأثناء يستغل موظف الاستقبال الفرصة، ويأخذ المائة دولار ويذهب مسرعاً للجزار ليدفع ما عليه من دين مستحق نظير ما أخذه من لحوم خلال الفترة الماضية، يتسلم الجزار الدولارات ويسعد بها أيما سعادة، ويجري مسرعاً لتاجر المواشي في مكتبه بالوكالة القريبة من زريبة المواشي الكبرى ليسد ما عليه من التزامات للتاجر الذي سبق أن توعده بعدم مده بالمواشي إن لم يسدد ما عليه.
ابتسم تاجر المواشي ابتسامة عريضة، وأخذ مبلغ المائة دولار، وأسرع نحو تاجر العلف ليسد ما عليه من دين، وتكون سعادة تاجر العلف أكبر وابتسامته أعرض، ويسرع بذلك المبلغ إلى سائق الشاحنة الذي جاء بالعلف من المزارع البعيدة ليسدد ما عليه من ديون ومستحقات.
سائق الشاحنة بدوره يركض مسرعاً نحو فندق المدينة الحديثة حيث يعمل موظف الاستقبال الذي ذكرناه في أول القصة، والذي يستأجر منه سائق الشاحنة غرفة لم يسدد قيمة إيجارها منذ أن جاء من أقصى المدينة بشحنة العلف تلك لتاجر المواشي حتى يرتاح من عناء السفر ووعثائه، ويمد الورقة فئة المائة دولار لموظف الاستقبال ليسدد دينه، ويسعد الموظف ويسارع بوضع المائة دولار مرة أخرى مكانها على “كاونتر” الاستقبال قبل نزول السائح الثري من جولته التي يتفقد خلالها الغرف في الطابق العلوي.
يعود السائح الثري، ويهبط من الطابق الأعلى مكفهر الوجه، إذ لم يعجبه مستوى الغرف، ويقرر أن يأخذ ماله ويرحل عن هذه المدينة التي لا تليق به.
الخلاصة: إنه لا أحد من أهل البلدة كسب شيئاً لكنهم سددوا ديونهم.
النتيجة: هكذا تدير الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديات العالم.
– انتهت القصة-