سعد الدين إبراهيم

مُحدثات الأمور.. ارتفاع أسعار اللغاويس


ومع الغلاء وارتفاع الأسعار الجنوني ظل الدخل ثابتًا، وهذا الأمر لا شك ستترتب عليه عواقب وخيمة على المستويات كافة، خاصة الاجتماعي، وبالتالي السياسي، فيما تظل الحكومة مغلولة اليد عن إيجاد مخارج للأزمة. ربما لا تعرف ما يحدث بسبب أن وزراءها ومسؤوليها يعتقدون أن المواطن يتمرغ في رغدٍ من العيش، بل وإن بعضهم يتصور – وهذا ليس (قطع رأس من عندي) – بل من لدن تصريحاتهم للإعلام، ويمكنني إيراد صفحات منها – إن شاءوا، ولا أظنهم يشاءون- يتصور المواطنين يعيشون بفضل التنمية الاقتصادية التي أحدثوها في جنان وأفنان، دانية عليهم ظلالها وقطوفها، يمدون أياديهم فيأخذون عنبًا وزيتونًا وفومًا وبصلاً وعدسًا.
والحال، إن ما يحدث هو العكس تمامًا، حتى أن البعض يكاد يأكل الصخر و(يقرُشْ الرمل)، حيث بلغت الأوضاع المعيشية منتهى السوء ودرك الضنك، حتى أن أسعار الوجبات الشعبية مثل الفول والكسرة والقراصة شرعت في الارتفاع منذ بداية العام 2015م بنسب مطَّردة ويومًا بعد آخر، فبلغت مذّاك وحتى الآن أكثر من مائة بالمائة.
وهنا لا نريد أن نتحدث عن زيادة أسعار في الغاز والخبز والماء والكهرباء وتعرفة المواصلات، فأمرها معروف وزياداتها مبذولة وراهنة، لكننا نريد أن نتطرق إلى زيادة أخرى غير (منظورة)، طرأت بنسب متفاوتة على أسعار كل (اللغوايس) من طعام معظم (الناس)، مثل المِرس والكول والموليتة والكجيك والعِكو وأم فتفت والقوانص و(المدايد) و(البلايل) (جمع بليلة)، العدسية منها والعادية.
الجديد في الأمر، أنه ومع اقتراب شهر رمضان المعظم، أبت نفس (الويكة) إلاّ وأن ترتفع عن حضيضها قليلًا تأسيًا بأخواتها (اللغاويس)، ولسان حالها يردد مع الشابي “وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ يَعِش أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر”، وعليه تواترت الأخبار من جهة الويكة ومنها ما ورد في يومية الجريدة عد أمس، ونفتبس منه ما يلي: “بلغ سعر الربع من النوع المعروف بـ (السارا وكادقلي) (240) جنيهاً بدلاً عن (150) جنيهاً في العام الماضي، و(200) جنيه لـ (البلدية) بعد أن كان سعرها (80 – 90) جنيهاً في العام الماضي، وعزا التجار بسوق الجمعة بالخرطوم ارتفاع الأسعار لقلة الوارد من مناطق الإنتاج. فيما أرجع مزارعون السبب إلى تعرض البامية للآفات مثل البياض الدقيقي والعسلة.
بطبيعة الحال، لن يدع (لغووس) آخر، مهم جدًا في حياة وشائع الاستخدام وسط الأهالي (الكيفيين)، وشاع أكثر وتوغل أعمق بعد ارتفاع أسعار الدخان (السجائر) والشيشة، وهو التمباك (السعوط)، لن يدع الويكة وحدها تلتحق برهط (اللغاويس الميامين)، حيث رفعت الغرفة التجارية الفرعية لتجار التمباك بولاية الخرطوم، أسعاره مُبررة الزيادة بارتفاع تكاليف الترحيل والإنتاج وزيادة أسعار الملحقات (زي العطرون وكده).
على أي حال، كنا نظن، أن الحكومة وبعد أن جفلت عنها – أو في الحقيقة – هي من أجفلت أسعار السلع الأساسية، كنا نتوقع أن (تقرع) أسعار (اللغاويس)، لأنها الوحيدة التي ظلت تطأطئ رأسها لهذا الشعب المسكين (على مر الدهور والأجيال)، لذلك فإن زيادة أسعارها تعد لدى الطائفة الكبرى من السودانيين من محدثات الأمور وبدع هذا الزمان، ويقول المثل (الني للنار)، وكذلك الضلالات.