العظات والعبر من انتفاضة رجب أبريل 1985!!
أمس الأول كانت ذكرى انتفاضة رجب أبريل 1985 والتي أزاحت النظام المايوي بعد ستة عشر عاماً من الحكم المتواصل، انتفض الشعب في صبيحة السادس من (أبريل) بعد أن انحازت القوات المسلحة وقائدها المشير “عبد الرحمن سوار الذهب” محكماً صوت العقل ومستجيباً لمنسوبي القوات المسلحة لتجنيب البلاد والعباد الدمار والخراب والدماء التي تسيل دائماً عند حالة التغيير للأنظمة.
ظل الشعب السوداني والنقابات والاتحادات في حالة ثورة عارمة أوقد جذوتها وشرارتها الأولى الشماسة وهم الأطفال الذين لا مأوى لهم اتخذوا من الطرقات والمجاري سكناً لهم ومن ثم توحدت إرادة الشعب بنقاباته المختلفة الأطباء والمحامين والمهندسين، كل النقابات آنذاك قامت بدورها الطليعي في تغيير النظام المايوي الذي تباكينا عليه من بعد ذلك.
وقتها كنا شهوداً على التغيير ونحن في صحيفة الأيام نرقب ونتابع ما يجري في الساحة السياسية حتى حانت لحظة اتخاذ القرار والانضمام لبقية أفراد الشعب السوداني عدا قلة كانت تؤمن بالنظام المايوي وتريد أن تقف مدافعة عنه حتى النهاية، وهذا خيارها ولا أحد يجبرها أن تتخذ قراراً لا تؤمن به.
حانت اللحظة وفي صبيحة هذا اليوم ومن خلال التلفاز أعلن المشير “سوار الذهب” انحياز القوات المسلحة للشعب محدثاً تغييراً جديداً في خارطة الوطن، تواصى أعضاء المجلس العسكري على أن يحكموا الشعب لفترة انتقالية لا تتجاوز العام، وكون المجلس الانتقالي من العسكريين والمدنيين، وكان “الجزولي دفع الله” رئيساً لوزراء تلك الفترة مع بقية الوزراء الآخرين “عمر عبد العاطي” العدل، “حسين أبو صالح” الصحة، عمل المجلس الانتقالي في تناغم تام وكان من أفضل فترات الحكم التي شهدها السودان آنذاك، توفرت المياه التي كانت تنقطع بالأيام والليالي، وعاد التيار الكهربائي بعد انقطاع متواصل يعود لدقائق، وعندما يعود كانت الابتسامة والفرح يرسم على شفاه الصغار حتى أصبحت الكهرباء جات نملا الباقات أنشودة حلوة يتم تريدها في كل لحظة تعود فيها الكهرباء.
ولمدة عام كامل استقر التيار الكهربائي ومعظم الخدمات مما يعني أن المواطن السوداني والمسؤول السوداني يمكن أن يصنع المستحيل من أجل راحة المواطن، وقد كان، ولكن ما أن انتهت تلك الفترة وجاءت الديمقراطية عادت الأحزاب لكيدها السياسي مما أفقدها بريقها وعجل برحيلها، فهل نتعظ من أجل بناء وطن موحد.