زهير السراج

السودان الأوروبي!!


* السيد محمد مصطفى الضو رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني يقول إن تعليق صدور صحيفة (التيار) لا يعني غياب الحريات الصحفية بالبلاد، وإن ما يثار بشأن الحريات مجرد مزايدات سياسية!!
* ويعزز السيد مصطفى هذا الحديث، بل يبرره بشئ في غاية الغرابة وهو أن “قضية الحريات في السودان باتت لا تشكل هماً للدول الأوروبية” !!
* جاء هذا الحديث الغريب في خبر بصحيفتنا بالأمس، بقلم محررتنا البرلمانية القديرة سارة تاج السر، إليكم الخبر:
* اعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان محمد مصطفى الضو، أن تعليق صدور صحيفة (التيار) لا يعني غياب الحريات الصحفية عن البلاد، واعتبر أن ما يثار بشأن تلك الحريات مزايدات سياسية ليس إلا، وأشار الى أن قضية الحريات في السودان باتت لا تشكل هماً للدول الأوروبية.
* وتساءل الضو: هل الحرية تعني التعدي على الأمن القومي؟، هل الحرية مطلقة بأن تفعل ما تشاء؟ أم تكون منضبطة بالقوانين وبفواصل الأمن القومي والمجتمع؟، وأضاف: “لا أرى غرابة في أن ترتكب صحف مخالفات لأننا بشر، وهذه المخالفات وضعت لأجلها القوانين”.
* وأكد الضو عقب لقائه بنائب رئيس البرلمان الألماني والوفد المرافق له، “أن الوفد استوضح البرلمان عن قضايا الاتجار بالبشر والهجرة والتطرف الديني والإرهاب لتأثيرها على الأمن والسلم الدوليين، وأشار إلى أن قضايا الحريات بالسودان باتت لا تشكل هاجساً للدول الأوروبية، وبرر ذلك بقوله: ” ليس لأنها غير مهمة ولكنهم لا يرون في السودان ما يزعج بهذه الدرجة ويرون أنه قطع شوطاً بعيداً فيها”، واعتبر أن كل ما يثار بشأن حرية الصحافة مجرد مزايدات سياسية تطفو على السطح” انتهى.
* حسناً سيدي، الحرية ليست مطلقة، ولا بد أن تقترن بالمسؤولية، وأن تكون محكومة بقوانين يتراضى عليها الجميع، من يخالفها يحاكم أمام قضاء عادل ليحكم له أو عليه.
* دعنا الآن ندير حواراً قصيراً عن (التيار)، ولنفترض جدلاً أنها أخطأت، فهل قُدمت إلى العدالة، أم أوقفت بقرار إداري؟ أترك لك الإجابة.
* وأي قوانين حوكمت بها التيار؟!، أم إنك تريد فواصل الأمن القومي والمجتمع، التي تحدثت عنها، لتحاكم التيار؟! هذه الفواصل يجب أن تترجم الى قوانين، سيدي، ولا تُترك لأمزجة الناس فيفسرونها بمزاجهم ومصالحهم، وإلا حلت الفوضى في المجتمع وتحول الى غابة يأكل فيها القوى الضعيف، أليس كذلك؟!
* كما إنك تعلم، وأنت عضو البرلمان الموقر أنه لا عقوبة بلا نص، وهو مبدأ دستوري لا خلاف عليه، بل مبدأ ديني (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) قرآن كريم، فكيف نضبط الحرية بالفواصل ونحاكم بها الناس بدون أن تترجم الى قوانين؟!
* نأتي الآن سيدي لما بدأنا به، وهو قولك إن قضايا الحريات في السودان باتت لا تشكل هاجساً للدول الأوروبية، فمالنا نحن إذا كانت قضايا الحريات في السودان تشكل لهم هاجساً أم لا، هل يعيشون معنا في السودان، وهل نقيس حياتنا بما يراه بنا الأوروبيون أو أي شخص آخر والمصالح الوقتية التي تربطنا به، أم ماذا؟!
* إذا كنت سيدي تنتظر الأوروبيين ليقرروا نوعية حياتك وكيف تعيش، وتنتظر منهم أن يقولوا لك افعل هذا ولا تفعل ذاك، وهذا جيد وذاك ردئ، وهذا يشكل لهم هاجساً، وذاك لا يشكل، فمن الأفضل أن تبحث لك عن دولة أوروبية تعيش فيها وتترك السودان للذين تُشّكل قضاياه هاجساً لهم، وليس للأوروبيين !!