هل نعيش حقاً في مجتمع أبكم بسبب الأجهزة الإلكترونية؟
بسبب الأجهزة الالكترونية التي حولنا أصبحنا نعيش في “مجتمع أبكم غير مكترث بنا”. باحث اجتماعي ألماني يحذر من عالم أصبح فيه العمل واللعب والتواصل، بل وربما البحث عن المغامرات العاطفية يتم عبر شاشة الكمبيوتر.
حذر باحث اجتماعي ألماني من تعرض المجتمع لما يمكن تسميته بحالة نضوب جماعي للطاقة وقال في كتابه “صدى.. دراسة اجتماعية لعلاقة الإنسان بالعالم” الذي نشر حديثا، إن هناك تزايدا في عدد الأشخاص الذين ينتابهم شعور بأنهم “يواجهون عالما أبكم غير مكترث بهم”.
وقال هارتموت روزا الباحث الألماني في علم الاجتماع في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن هناك مشكلة في علاقة الإنسان بالعالم الخارجي تتمثل في أن الإنسان أصبح يتعرف بشكل متزايد من خلال الكمبيوتر أو الهاتف الذكي على العالم المحيط به.
ويرى الباحث الألماني أن “كل ما نفعله تقريبا، العمل واللعب والاتصال، بل وربما بحث البعض عن المغامرات العاطفية، أصبح الآن يتم عبر الشاشة”.
غير أن روزا ينصح الباحثين عن خوض حياة طيبة وسعيدة وناجحة أن يقللوا من التركيز على تكديس الموارد والممتلكات ويزيدوا مقابل ذلك من التركيز على جودة العلاقة بهذه الممتلكات”.
وأكد روزا أن سعادة الإنسان لا تقاس بالراتب الجيد والمنزل الجميل والأولاد الأصحاء “فربما شعر الإنسان بالإحباط رغم امتلاكه كل هذا، فهذه العناصر لا تعدو كونها موارد..”.
وأضاف روزا: “لذلك علينا أن نتحدث عن الحياة الناجحة بشكل آخر، أعني أن الأمر يتوقف في ذلك على كيفية ارتباط الإنسان بالعالم”.
ورأى روزا “أننا نعيش في مجتمع تتزايد فيه أعداد الذين يرون أنهم يعيشون في مجتمع أبكم غير مكترث بهم، والنتيجة هي إرهاق ونضوب جماعي للطاقة، فالناس الذين يعيشون حياة ناجحة لديهم علاقة حية بالآخرين على سبيل المثال وبالطبيعة وبعملهم، الحياة لا تصبح ناجحة بمجرد أن نكون أصحاب مصادر وموارد كثيرة ولدينا خيارات، ولكن عندما نحب كل ذلك”.
وحول ما إذا كان الكمبيوتر وأجهزة الهواتف الذكية تحول دون الحياة الناجحة، يرى روزا إن الأجهزة الرقمية يمكن أن تكون عاملا إيجابيا في حدوث علاقة تفاعلية بين الإنسان وأسباب السعادة الحسية “وذلك على سبيل المثال عندما أتأثر بنص أو صورة في الإنترنت لدرجة أني أصاب بالقشعريرة، ويقول “أنا لا أعتقد أن تغلب الأجهزة الرقمية على حياتنا خاطئ وسيء، ولكن المشكلة هي تزايد علاقتنا بالعالم عبر الوسائط الإلكترونية”.
ويوضح قائلا “لقد أصبحت معايشاتنا، العمل اللعب، التواصل، بل وربما البحث عن المغامرات العاطفية تتم عبر شاشة الكمبيوتر، كما أن التفاعل مع العالم يحدث عبر نفس حركات الإصبع على جهاز الهاتف الذكي”.
وأضاف روزا: “هنا أرى اعوجاجا لأن هناك تزايدا في التواصل مع العالم عبر هذه القناة وحدها، مما يجعل الشاشات وكأنها قاتلة للصدى، فعندما تدخل الشاشات بيننا وبين العالم فسيصبح من الصعب تحقيق علاقات صدى حسية مع العالم”.
ويرى روزا أننا “نعيش في زمن لم يعد يعرف الراحة الحقيقية التي يوفرها الفراغ الإيجابي.. فرغم كل ما نؤديه من عمل إلا أن أجندة عملنا لا تزال مليئة بآلاف الأشياء التي يجب تنفيذها، حتى وإن كانت هذه الأشياء خاصة بالمحافظة على لياقتنا أو إبطاء وتيرة حياتنا”.
البيان