الطاهر ساتي

ماعندها قشة مُرة


:: قبل خمس سنوات، وبالتزامن مع الإحتفال باليوم العالمي للبصر، أصدر مجلس الوزراء القرار رقم ( 323)، بالنص الآتي .. سعيا من أجل إنشاء مراكز علاجية متخصصة لعلاج العيون بالولايات المختلفة، ورغبة في الحصول على تمويل مناسب يمكن من إنشاء هذه المراكز، وعملا بأحكام المادة (72) من دستور السودان، لسنة 2005م، أصدر القرار الآتي : تكون لجنة للإشراف على بيع مستشفى عيون التعليمي على النحو التالي : الأمين العام لمجلس الوزراء رئيسا، وكيل وزارة العدل عضوا،وكيل وزارة الصحة عضوا، ممثل وزارة المالية عضوا، زيادة إسماعيل أبكر عضوا، سيف النصر إسماعيل عضوا.. !!
:: وكان من إختصاصات تلك اللجنة، ما يلي بالنص أيضاً .. الإعلان عن بيع مستشفى العيون عبر كل وسائل الإعلان المتاحة بمايوفر كل درجات الشفافية والتنافسية التي تضمن الحصول على أعلى سعر ممكن، والتعرف على الأسعار في المنطقة والعمل بها كحد أدنى، الإشراف على إجراءات بيع مستشفى العيون، ويتم الإتفاق مع المشتري على أن يكون تسليم العقار له خلال (18 شهرا) حتى تبدأ المستشفيات والمراكز العلاجية عملها، وأن يلتزم المشتري باستثمار العقار في المجالات التي تحددها الخطة الهيكلية لولاية الخرطوم، وأن يخصص عائد بيع العقار لإنشاء مراكز علاجية لطب العيون بالولايات..!!
:: ولكن لم يتم البيع، وكذلك لم يتم إلغاء قرار البيع .. فالقرار لا يزال سارياً، و إن لم يجد المرفق شارياً.. وعلماً بأن مباني مستشفى العيون – كما مباني جامعة الخرطوم – أثرية وتاريخية.. يعود عمر بعض مباني مستشفى العيون إلى ما قبل العام 1924، و يعود عمر المستشفى إلى العام 1952، ويقال أن بعض مباني المستشفى شهدت بعض ملاحم ثورة عبد الفضيل الماظ، ولذلك أطلقوا على المستشفى اسم البطل الماظ ..ومع ذلك، أي رغم أنها أثرية وتاريخية وشاهدة على عصر النضال ضد الإستعمار، قرر مجلس الوزراء بيعها مثل أي منزل من منازل الإسكان الشعبي ..فالمال فقط هو المهم، والباقي تفاصيل غير مهمة، أوهكذا نهج الحكومة في البيع.. !!
:: ولذلك كان التوجس واجباً شعبياً أمام شائعة نقل جامعة الخرطوم إلى سوباً بغرض بيع المباني ( العريقة)..هي كانت شائعة الأيام الفائتة، حسب بيان الجامعة وتصريحات بعض الحادبين عليها من إدارتها وأساتذتها الذين أكدوا – في بيانهم – حرصهم على الإرث الأكاديمي والتاريخي للجامعة ومبانييها التي أكملت مائة وأربعة عشر عاماً منذ تأسيسها..فالحرص الصادر عبر البيان مطمئن، ولكن مع نهج هذه الحكومة ( الماعندها قشة مُرة) قد تتحول تلك الشائعة المزعجة – في أية لحظة – إلى ( واقعة مؤلمة )..!!
:: نعم لا فرق بين مباني جامعة الخرطوم ومباني مستشفى العيون من حيث ( الأثر التاريخي) و( القيمة الأثرية)..والنهج اللامبالي الذي عرض مباني مستشفى العيون للبيع قبل خمس سنوات لن يتوانى في عرض مباني جامعة الخرطوم وغيرها من المباني التاريخية في ( أي زنقة مالية).. فالدولار يكاد يكون أهم من الدفوفة عند سادة التخلص من مباني المرافق العامة، أثرية كانت أو حديثة.. وعليه، قبل فوات الأوان، نأمل أن تحصر هيئة الآثار كل المباني والمواقع التاريخية – بما فيها مستشفى العيون – ثم تسارع بتسجيلها في اليونكسو..!!