معركة جندرية ..!
“الأرقام المثالية نادرة وكذلك الرجال المثاليين” .. ديكارت ..!
قال: ما يعيب (حديثك) هو أنه شمولي أكثر من اللازم، وفيه إطراء شمولي (ضمنياً) على الأنثى، وكأن النساء ملائكة رحمة في نار لا يسكنها إلا الشياطين!.
قالت: لست أدري من أين قفز هذا الاعتقاد لديك، ليس بالضرورة أن أتناول عيوب الرجل المثقف والمرأة المثقفة في ذات المقال فقط لأنفي عن نفسي تهمة (الانحياز للجندر)، وأنت بهذا كمن يقول بأن الحديث عن مشاكل المدنية هو إطراء شمولي لحياة البداوة!
قال: الشمولية بخلاف الموضوعية ولا يصح التقاء الضدين يا عزيزتي في آنٍ معاً!.
قالت: من حيث المبدأ يلتقيان أحياناً، وعندما يلتقيان يحدث
أن تتناغم الشمولية مع الموضوعية. (كل) هي أكثر كلمة تعبر عن الشمولية التي نتحدث عنها، ويقول تعالى: (كل نفس ذائقة الموت).. ويقول أيضاً: (كل في فلك يسبحون)، أي أن الموت يشمل الجميع وهؤلاء- بلا استثناء- يسبِّحون في ملكوت الله الواحد. منتهى الموضوعية والـ… شمولية كما ترى!
قال: عموماً إذ صح قولك الذي تعترفين فيه بأن (السواد الأعظم) من الرجال أو من المثقفين الرجال ينطبق عليهم كلامك (عن ازدواجية المعايير)، فإنه سيظل تحت مظلة الشمولية لأنه تجاوز الأقلية ولم (يعترف) بحقها في الاختلاف.
قالت: عندما نتحدث عن (سواد أعظم) لا نذكر الاستثناء لأنه ما وجد إلا تأكيداً للقاعدة، هذا ما درج عليه الناس عند الحديث عن الغالب الأعم، فتجدهم يقولون مثلاً إن سكان جزيرة (أرواد) يعملون بصيد السمك والإسفنج وممارسة الإبحار بمراكبهم إلى شواطئ البحر المتوسط، أو إن البرازيل هي أرض الخلاسيين الذين يرقصون السامبا، وكما تعلم فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه لا أحد في جزيرة (أرواد) يتكسب من حرفة أخرى، أو أنه لا يوجد عدد كبير من سكان البرازيل الذين ليسوا خلاسيي الأصل أو الذين لا يجيدون رقصة السامبا!.
قال: (من قال لك) ألا أحد قد عاب على شمولي كتاباته الشمولية؟ ألم تقرئي لـ(شكيب أرسلان) و(محمود أسلو) و(نعوم تشومسكي) و(برهان غليون) و(هاني النقشبندي)؟.. أما سمعت (نجيب سرور) وهو يقول: (كل شيء جزء ولا أحد يملك الحق في جمع هذه الأجزاء في كيان واحد إلا أن يتم ذلك تلقائياً؟).. ترى ماذا كان يقصد (نجيب سرور) بذلك؟.. و(لعلمك) فـ(نجيب سرور) هذا رغم قصيدته المشهورة إلا أنه الشاعر والمثقف المصري الوحيد الذي جادل سارتر.
إذاً… لا أحد يصفق لشمولية مجحفة إلا إذا وافقت هوىً في نفسه، وكما تعلمين يا صديقتي فأهل الأهواء لا يعتد بآرائهم ومواقفهم. طالما أنهم (شواذ) والشواذ ليسوا قاعدة!.
قالت: يمكنك مخاطبتي بـ(من قال لك.. و.. لعلمك..) عند الحديث عن أشياء أجهلها أو يفترض جهلي بها وسأقبل هذا منك بطيب خاطر.. أما الحديث في أبجديات ثقافية كـ أقوال بعض مشاهير المفكرين والكتاب عن المرأة (التي هي أنا) حديثاً يختلف مع آراء من عادوها وظلموها فهو أمر يستفز اعتزازي بثقافتي.. وأرجو أن لا تعتقد أنَّني محتدة أو ناقمة عليك، بل أقول هذا وأنا أبتسم، لكنِّي لست واثقة من ديمومة هذا التبسُّم إن أنت عدت إلى تلقيني أبجديات كتلك!
قال: سعدت بالنقاش معك .. ويبقى عيب المرأة المثقفة في مجتمعنا أفكارها العدائية ..!
قالت: أنا أيضاً .. ويبقى عيب الرجل المثقف في مجتعمنا إزدواجية معاييره ..!