نداء ولاية
هل تستطيع الحكومة أن تفتح كتاب مشاركة أبناء الجزيرة في الحكومة الاتحادية مثلما فعلت في ليلة كشف الحساب في نيالا.. حينما طلب الرئيس من الوزير د.”فيصل حسن إبراهيم” الوقوف وقراءة الكتاب الذي يحمله بيمينه.. ليقول لأهل دارفور هذا نصيبكم في القصر الرئاسي وفي مجلس الوزراء.. ووزراء الدولة، وهذه نسبة دارفور المحددة بعدد السكان.. الفارق سيكون كبيراً وستجد الحكومة نفسها متهمة بظلم الإقليم الأوسط الذي يتكون اليوم من أربع ولايات وهي الجزيرة والنيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق.. ولكن تظل ولاية الجزيرة التي عاصمتها “مدني” هي الولاية (الأم).. ولو اعتمدت الحكومة منهج الحساب لارتد إليها خاسئاً وخسرت المعركة.. لأن ولاية الجزيرة التي أعلن حادي ركبها “محمد طاهر آيلا” عن نداء للتنمية والخدمات.
أما نصيبها من السلطة شحيح جداً لا يتعدى وزير المالية “بدر الدين” ووزير الصناعة “محمد يوسف” ولا تمثيل يذكر لولاية النيل الأبيض ولا سنار سواء على صعيد القصر الرئاسي ولا مساعدي الرئيس، حيث يتنازع د.”جلال يوسف الدقير” بين جذوره البعيدة في ولاية الجزيرة ومولده ونشأته بولاية غرب كردفان.. ورغم ذلك لا يشغل أهل الجزيرة أنفسهم كثيراً بالتمثيل السياسي ربما لأنهم شبعوا في عهود مضت وسنوات خلت من السلطة.. أو تعبيراً عن قناعتهم بأن إعادة إحياء مشروع الجزيرة أصبح أمراً صعباً جداً.. فالولايات الغربية والشرقية والجنوبية تتوق للنهضة والتطور والنماء، ولكن الجزيرة تتوق فقط لتعود إلى سنوات الصبا والنضارة.. حينما كان مشروع الجزيرة مشروعاً.. و”محمد الأمين” يغني (عويناتك)، و”حمد” و”الديبة” ينزعون الآهات من معجبي فريق الأهلي مدني الذي بات الآن ضعيفاً ضعف الجزيرة التي تنشد الآن فقط العودة للماضي البعيد، بينما الآخرون يتطلعون للأفضل.. وحينما يخاطب الرئيس “عمر البشير” اليوم بقاعة الصداقة نفير نداء الجزيرة، فإن الصابرين والصامتين حياءً وأدباً ينتظرون من القيادة السياسية رؤية ومشروعاً للنهوض بالجزيرة من خلال خطة واضحة لتوطين زراعة القطن (النضيف) غير المحور وراثياً.. وزراعة الفول السوداني والقمح وينال المزارع حقوقه كاملة في الري.. ومياه النيل.. وتعوض الحكومة المركزية ولاية الجزيرة شيئاً مما دفعته الجزيرة لتنمية بقية أنحاء السودان.. وهي التي كانت تحمل كل البلاد على أكتافها حتى تعبت وأصابها الرهق.. وآخر اهتمامات أهل الجزيرة أن ينالوا نصيبهم في السلطة بعدالة مثل الآخرين ودون حاجة لتكوين (كيانات) مطلبية ولا احتياجات علنية.. وقد أرست الحكومة أدباً في الممارسة السياسية إذا رفعت صوتك عالياً وأثرت الغبار في وجه الحاكمين تنال نصيبك ونصيب غيرك مثلما هو حال دارفور والإقليم الشمالي الآن.. أما الجزيرة وكردفان فإنهما يقبعان في مؤخرة الأقاليم من حيث السلطة والثروة معاً وإن كانت كردفان في قسمة السلطة أفضل بكثير من الجزيرة.. وقد تدفقت أموال المالية على شمال كردفان على وجه الدقة دون حساب.
وتتطلع الجزيرة في سنوات “محمد طاهر آيلا” وهو من الولاة المرضي عنهم مركزياً وتخصهم الحكومة بثدي غزير اللبن أينما ذهب وزير أو والي، لذلك يبدو ظاهرياً شخصية متفقاً عليها من أهل الجزيرة.. لتنهض بمدني وتعيد إليها البريق القديم.