ما عندك زول في المطار
الذي يشكو منه مسؤول رفيع بشرطة جمارك مطار الخرطوم عن امتناع بعض المسؤولين الخضوع لعمليات التفتيش الروتيني حسب القانون ليس أمراً غريباً على بلادنا، ولا هو بالخبر الصادم، فهذا هو السودان، بل قد يكون غريباً جداً أن تجد شخصاً مسؤولاً في أي موقع أو يمتلك سلطة ما تجعله قادرا على تجاوز الإجراءات لكنه لا يخرقها.. هذا هو النادر في السودان وليس النادر هو امتناع المسؤول عن الخضوع للتفتيش.
إذا أردت أن تقوم بأي إجراء رسمي في مؤسسة حكومية فإن الخطوة الأولى هي البحث عن (زول بعرف زول هناك)..!
وهذا يعني أن تعبئ رصيد هاتفك منذ المساء وتقوم باتصالات مع الأصدقاء والمعارف حتى تنجح في الوصول إلى واسطتك التي تنجز لك العمل وتتجاوز بها الإجراءات.
ومع تقديري الكامل للدوافع التصحيحية في شكوى المسؤول الرفيع في جمارك المطار من معاناة سلطات الجمارك مع الممانعين والمتجاوزين للقانون خاصة عمليات التفتيش فإن الجمارك نفسها وتحديداً جمارك مطار الخرطوم إن لم نقل إنها أشهر مكان يقصده الباحثون عن الواسطات لتخليص إجراءاتهم بطريقة ملتوية فإن الأمر على الأقل ليس غريباً عليهم..
(عندك زول في المطار..؟) هذا سؤال ثابت يتم ترديده في جميع (ملمات) السودانيين الذين يحضرون لوداع مسافريهم.. من وإلى.. مطار الخرطوم..
لن ينصلح هذا الحال ما لم ننتقل بثقافتنا من فكرة (عندك زول؟) إلى فكرة (عندك نظام؟) وعندك مؤسسة وعندك قانون ولوائح ليس فيها أية استثناءات..
لماذا تكون هناك استثناءات وإعفاءات وبطاقات دخول يحملها البعض تسمح لهم بالوصول (تحت الطيارة)..؟!
لمن تشكو يا أخي ومم تشتكي يا سعادة (المسؤول الرفيع)..؟ مطار الخرطوم هذا نموذج للفوضى ولو أردت أن تتأكد من هذا فارصد عدد الذين تسمح لهم لوائحكم هذه بالوصول إلى ما قبل نقطة التفتيش نفسها (عشان يستقبل زولو ويمرقوا)..!!
هذا واقع وظاهرة أصبحت (روتينية) أيضاً مثلها مثل التفتيش الروتيني.. الذي يمتنع هؤلاء عن الخضوع له..
المرشح الجمهوري ترامب الذي يتخوف الكثيرون من وصوله إلى مقعد الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية.. نزوات هذا الرجل العنصرية وأفكاره (المهببة) التي يتبناها لن يكون بإمكانه تنفيذها حال وصوله للبيت الأبيض لأن الولايات المتحدة الأمريكية دولة مؤسسات ولا يستطيع حتى الرئيس تغيير سياساتها منفردًا أو تجاوز مبادئ الدولة أو القانون.. فما الذي يمنعنا من إقامة المؤسسية ومحاربة الواسطة..؟
على كل حال يجب أن لا ننسى التأكيد على أن مجرد إعلان مثل هذه التصريحات من مسؤولين في جمارك المطار يعطي أملاً ومؤشراً بوجود قيادات نزيهة في الجمارك تسعى للتصحيح – وهم كُثُرْ – وليس مستحيلاً ولا صعباً إغلاق ثغرات (اللف والدوران).. فهذا هو الطبيعي في كل مطارات الدنيا.. ما في زول بعرف زول.. في نظام.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.