زهير السراج

دموع عوضية!!


* لا أدري ما هو الجرم الذي إرتكبته السيدة (عوضية كوكو) بفوزها بجائزة أشجع إمرأة في العالم، التي تمنحها وزارة الخارجية الأمريكية لعشرة نساء في العالم كل عام يقمن بخدمة مجتمعاتهن وتطويرها وحماية وتعزيز دور المرأة في المجتمع، حتى تُعامل بكل هذا الجفاء من بلدها بإمتناع السفارة السودانية بواشنطن من حضور الإحتفال الذي تسلمت فيه عوضية جائزتها من وزير الخارجية الأمريكية، وهي التي رفعت رأس السودان بالعمل الرائع الذي قامت به ونالت بسببه الجائزة الرفيعة بتكوينها لاتحاد تعاوني لبائعات الشاي والأطعمة بولاية الخرطوم يضم أكثر من 8000 إمرأة، يدافع عن حقوق البائعات ويساعدهن في القيام بعملهن العظيم، رغم كونها بائعة بسيطة ظلت تمارس مهنة بيع الشاي والأطعمة أكثر من عشرين عاماً لإعالة أسرتها في ظروف قاسية عانت فيها ما عانت من مطاردة السلطات المحلية ومصادرة أدوات عملها، ودخلت السجون لمحاولة مساعدة غيرها بالحصول على حياة أفضل!!
* ولم تقتصر المعاملة السيئة على غياب السفارة الذي كان له أسوأ الأثر في نفس عوضية التي رأت البعثات الدبلوماسية بواشنطن لبقية الفائزت ترافقهن في حفل التكريم وهن فرحات بذلك ومرفوعات الرؤوس، بينما هي الوحيدة التي كانت بلا رفيق من بعثة بلدها وكأنها إرتكبت جرماً تستحق عليه هذه المعاملة السيئة التي لم تتوقف عند هذا الحد، بل إمتدت حتى بعد عودتها إلى الخرطوم بمنع السلطات بولاية الخرطوم، لاتحاد بائعات الأطعمة والمشروبات من إقامة حفل تكريم لـ(عوضية) خارج مقر الاتحاد، وإصرارها على إقامته داخل المقر في مساحة محدودة، وبدون استخدام مكبرات الصوت، وكأنها تتعمد كسر أنفسهن ونقل رسالة سالبة إليهن بأنهن مجرد بائعات شاي ومواطنات من الدرجة العاشرة لا يجدر بهن أن يفرحن ويحتفلن مثل بقية الناس، إلا بما يتناسب مع وضعهن الاجتماعي البسيط الذي لا يكفل لهن الاحتفال في الهواء الطلق واستخدام مكبرات الصوت مثل غيرهن!!
* السيدة (عوضية عباس) أمينة الاتحاد قالت لزميلتنا القديرة (سعاد الخضر)، في تصريح نشرته صحيفتنا قبل ثلاثة أيام (الجريدة 14/3/2016 )، إن السلطات المحلية رفضت الموافقة على منحهن تصديقا لإقامة الاحتفال أمام مقر الاتحاد بالسوق الشعبي، مما اضطرهن للرجوع لحكومة ولاية الخرطوم التي أبلغتهن شفاهة برفض تصديق الاحتفال خارج المقر، بالإضافة إلى منع استخدام مكبرات الصوت، وقالت:”طالبتنا الأجهزة المختصة بالاحتفال داخل الاتحاد ودون مكبرات صوت ولم تبدِ الأجهزة أيّ مبررات لذلك”.. تخيلوا هذا الظلم.* وعبّرت صاحبة الجائزة (عوضية كوكو) والعبرة تكاد تخنقها، عن أسفها الشديد من تجاهل السفارة السودانية بواشنطن لها وعدم مرافقتها أثناء استلام الجائزة من وزير الخارجية الأمريكي، وقالت: “بكيت عندما رأيت كل السفارات برفقة المشاركات الفائزات بما فيها السفارة العراقية، بينما كنت أنا وحيدة وغريبة، بلا رفيق من وطني”.* وأضافت :” توقعت أن تفرح الحكومة بفوزي والشهادات التي نلتها بأمريكا، وأن تستدعيني لتهنئتي، سواءاً الوالي أو الرئيس، لأنني حققت إنجازاً للسودان عامة ينبغي أن يفتخر به كل سوداني، ولكن لم يهتم بي أحد”.* ماذا فعلت إنسانة مكافحة بسيطة قدمت لمجتمعها، عملاً عظيماً نالت عليه جائزة عالمية، لنكافئها نحن بهذه المعاملة الفظة ونكسر نفسها، ونجعلها تغرق في دموع الحزن، بدلاً عن التكريم والتشجيع؟!