جمال علي حسن

حفل ندى القلعة.. بدون حساسية


المرأة الأفغانية في ظل حكم طالبان لم يكن مسموحاً لها بفعل أي شيء حتى التحدث بصوت يسمعه رجل غريب .
لذلك كان من الطبيعي أن تنفجر بداخلها رغبة عارمة بعد سقوط طالبان في تعويض ما فقدته خاصة وأنه كان مفروضاً عليها بالكرباج .
وفي سودان الإنقاذ لم يكن الوضع (طالبانياً) تجاه المرأة بصورة متطابقة وإن كان غير خال تماماً من التطرف.. فالإسلاميون في السودان منذ تأسيس الجبهة الإسلامية دعموا حق المرأة في التصويت والترشح، وأبرزت تجربتهم دور المرأة في الحياة العامة بشكل مشهود لكنهم في نفس الوقت حاولوا فرض قوانين لمظهر المرأة العام بشكل كانت فيه الكثير من الشدة أكثر من التركيز على الدعوة والتناصح والهداية في مجتمع سوداني محافظ بطبيعة ثقافته وتقاليده التي لم تكن بعيدة عن هذه المفاهيم.. فالثوب السوداني الجميل والساتر يؤكد أن المجتمع السوداني لا يحتاج لقوانين تفرض عليه مظهراً محدداً أكثر من حاجته الى إعلاء هذه القيم والثقافة السودانية الموروثة والأصيلة ودعمها وتطويرها .
هناك حفل للفنانة ندى القلعة.. أظنه حفل رأس السنة، يتم بثه هذه الأيام في قناة النيل الأزرق.. شاهدته يوم الخميس وتمت إعادته أمس تقريباً ..
الحفل جميل والفنانة ندى القلعة رائعة وجميلة حقاً.. لكنني اصطدمت بشيئين (لخبطوا راسي) في هذا الحفل الشيء الأول هو رقص خليع جداً من راقصات سودانيات (تبع) الفرقة الاستعراضية المصاحبة لندى القلعة في هذا الحفل.. وليست الفرقة الإثيوبية التي كان رقصها عادياً جداً .
لكن رقص بنات فرقة ندى.. خليع بمعنى خليع.. بدون شرح أو تفصيل فالمادة التي أتحدث عنها غالباً متوفرة ومن يشاهدها ولا يرى في هذا الرقص خلاعة وسفور.. ليأت لنا ويحدثنا عن فهمه للخلاعة والسفور والإيحاءات غير البريئة التي لم يخل منها هذا الرقص الذي شاهدته.. رقص لا يشبهنا.. ولم أكن أتوقع أن تسمح قناة النيل الأزرق بإيذائنا به..
لا تقل لي هذا.. تحضر و و…. وتصفني بأنني متخلف وتتهمني بأنني (طالباني).. لا هذا غير صحيح.. هذا الشيء لم تقبله عيني السودانية العادية وليست أي عين داعشية أو طالبانية أو متطرفة أو حتى كيزانية..
أما الشيء الثاني أو الملاحظة الثانية التي فوجئت بها على الأدق، فهو أن الكثير من الشابات اللاتي كن حاضرات في هذا الحفل من الجمهور كنت ألاحظ أنه بمجرد تركيز عدسة الكاميرا على وجه بعضهن تراها ترسل ما يسعف تلك العدسة من (جبجبة سريعة) قبل رحيل الكاميرا إلى أخرى ..
وهذا قد يكون تفاعلاً عادياً وتعبيراً إيجابياً يعكس مدى اندماج واستمتاع الحضور بحفل ندى القلعة وغنائها وصوتها الجميل لكن للحقيقة والتاريخ أن بعضاً من الحياء القديم في بناتنا السودانيات كان يجعلهن في الماضي يهربن من مطاردة عدسة الكاميرا لهن في الحفلات ويبدو عليهن نوعاً من الارتباك الجميل الذي يعبر عن احتياطي مصارفهن المركزية من عملة الحياء الحرة.. ماذا جرى يا إلهي؟!..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.