مع وضد الخلع
إباحة الطلاق في الإسلام أبلغ أنواع الاحترام لحق الطرف المطالب بالطلاق، وأحيانا الطرفين، وأكثر ما يشير دهشتي هو ان الكثير من المسلمين هللوا خلال السنوات الأخيرة لإباحة الخلع، ومنح المرأة حق المطالبة بفسخ عقد الزواج، وتم تأليف النكات حوله: المطلق يبقى حر طليق ومن تخلعه زوجته يبقى خليع! مع ان هذا الحق كان موجودا ومكفولا عبر القرون: تلجأ الزوجة الى القاضي مسلحة بأدلة قاطعة باستحالة استمرارها في العيش مع زوجها فتنال حكما بالطلاق
ولكن هناك نساء جعلن الخلع ومعه العلاقة الزوجية مسخرة (والله أنقل إليكم وقائع من قصاصات الصحف التي استمد منها مواد مقالاتي): زوجي متخلف ويتكلم عربي في البيت بينما أكلمه بالإنجليزية.. أف عيشة تقرف.. أنا متنازلة عن كل شيء بس فكُّوني منه.. جوزي استاذ جامعي بس فاضحني كل صباح يوقف عند عربية الفول ويشتري سندويتش وياكله وهو ماشي في الشارع
وتعاطفت مع ثلاث زوجات طالبن بالطلاق في نفس الدقيقة والثانية. هن شقيقات متزوجات بثلاثة أشقاء.. استمع الى وقع هاتين الكلمتين: شقيقات/ أشقاء في بيئة زوجية، وستخطر ببالك كلمات مثل الشقاء والشقيقة والشقاق والشقشقة والشقوق.. سر تعاطفي معهن هو “استنتاج” بأن الزواج تم بطريقة تجارة الجملة: الثلاثة معا في حفل واحد والحالة واحدة وزيتنا في بيتنا وطبقنا طبق طبقكم. وطالما ان ثلاث شقيقات أجمعن على استحالة التعايش مع الأشقاء الثلاثة، فالطلاق خير حتى لو كانت الأخوات “متبليات” على الأشقاء
بعد أكثر من 30 سنة زواج تطالب سيدة عمرها 65 سنة بالخلع لأن زوجها السبعيني كثير السفر بحكم نشاطه التجاري، وتخاف على نفسها من الفتنة. لا بأس في ان تخاف على نفسها من الفتنة، ولكن المطلوب “في الأساس” هو تحصين النفس ضد الفتنة، في كل الظروف، ولو قررت النساء المطالبة بالخلع بسبب تغيب الأزواج عن البيوت بسبب “طبيعة العمل”، لما ظل تاجر او طبيب او طيار متزوجا! مهندسة طلبت الخلع لأن زوجها بلدي ويستخدم يديه في الأكل (الحمد لله فزوجتي ليست مهندسة). وأخرى طلبت الخلع لأن زوجها ثرثار (بسيطة يا بنت الناس.. ممكن نقنعه بأن يمسك لسانه قليلا، لمنحك حق التعبير)، فترد: مش ممكن لأنه لا يثرثر في البيت، بل فقط وسط أصدقائه الذين يدعوهم الى البيت كثيرا، أو يخرج معهم مرتادا المقاهي، أما في البيت فهو أبكم ولا يجيب حتى على أسئلة العيال المتعلقة بالواجبات المدرسية (عندك حق فهذا صنف من الرجال سخيف).
أما الزوجة التي أعربت عن استعدادي لمساعدتها في نفقات المحامي للحصول على الخلع، فقد نالت حكما بالطلاق وليس الخلع: كان زوجها لا يستحم او حتى يغسل يديه قبل الأكل متعللا بأنه عنده حساسية من الماء (ولكن تلك الحساسية لم تمنعه من شربه)، خلال سنتين من الزواج لم يستحم البعل سوى مرتين وكان ذلك بغرض الاغتسال لأداء الصلوات!!!! أجمل ما في الموضوع أن الزوجة كانت تقف أمام القاضي في مكتب (لأن مثل هذه القضايا لا يتم التداول فيها في قاعات يؤمها جمهور) تحكي له عن زوجها الفسيخ، الذي لم يحضر بداية الجلسة، ولكن فجأة أعلن الحاجب عن وصوله فأمر القاضي بإدخاله، وما أن دخل المكتب حتى صاح القاضي: امشي من قدام وشي..أففف.. علي بالطلاق مراتك طالق بالتلاتة.. ثم التفت الى الزوجة: اعوذ بالله.. صبرت عليه سنتين إزاي؟