ابتلاءات !!
*وابن منطقتنا علي خليل كان يلقب بـ (علي كورود) لأّن رأسه كما الجزمة القديمة ؛ نشافاً وصلابة وقوة..
*فهو حين (يركب رأسه) فما من (ود مقنعة) في البلدة كلها يقدر على إقناعه بترك الذي ينوي فعله، أو فعل الذي ينوي تركه ..
* وقد عجز عقلاء البلدة جميعهم عن إقناعه بأن ثمة فرقاً بين الابتلاء وسوء التقدير الذي ينجم عن (ركوب الرأس)..
*فعلي كورود لا يعرف العوم – مثلاً – ورغم ذلك أصر يوماً على الذهاب إلى النيل بغرض العوم مع أقرانه..
*وحين تم إنقاذ كورود من غرق كان متوقعاً قال عبارته المألوفة التي حفظها أبناء البلدة عن ظهر قلب: (الحمد لله ، هذا ابتلاء جديد) …
*وعلي كورود لم يؤتَ بسطة في الجسم، ومع ذلك تحدى إبراهيم الكوماوي- الملقب بـ (البابور)- يوماً بغير ما سبب في مناسبة زواج لآل البكري..
*و حين تم سحب كورود من تحت (جِتة) البابور – وهو دائخ – لم ينس أن يردد في وهن عبارته المألوفة: (ابتلاء، كله ابتلاء والحمد لله)..
* وعلي كورود لم يحظ بمسحة من وسامة أو نصيب من أطيان أو حظ من تعليم، ورغم ذلك (طلعت في رأسه) يوماً أنّ محاسن ابنة كبير تجار البلدة ذات (المحاسن) ما من عريس يناسبها في المنطقة كلها سواه..
*وعندما خرج نفر من أسرة كورود مطأطئ الرؤوس من منزل كبير التجار لم يجد علي خليل ما يعزّي به نفسه وإياهم ـ وقد كان في انتظارهم بالخارج ـ إلا عبارته الشهيرة (ابتلاء، ابتلاء، ابتلاء والحمد لله)..
* وعلي كورود في مجال السياسة والإدارة هو (تور الله في برسيمو)، ومع ذلك عندما أزف أوان انتخابات المجلس المحلي فاجأ الناس بنيته الترشح لرئاسته ـ و(الماعاجبو يضرب رأسه بالكورود)..
* ولما فاز كورود برئاسة المجلس ـ كيف؟! الله أعلم ـ كانت أول عبارة نطق بها هي (طوّاااالي ابتلاءات؟! ما معقول ياخ)..
*وخلال عام واحد فقط منذ لحظة تسلّمه الرئاسة انتقل كورود إلى منزل فخيم..
* وتزوج من محاسن (ذات المحاسن)…
* وأودع إبراهيم الكوماوي (البابور) السجن بعد جلده بسوط (العنج)…
* وصارت له ساقية كاملة اسمها (ساقية الريس)…
* وأشاع الرعب في أنحاء البلدة كلها عبر (فتوّات) يتبعون له بعد منحهم مسمّيات (رسمية)..
* وعندما يأتيه متضرر من قسوة سياساته وفتواته وإجراءاته ما كان يجد عنده من عزاء سوى عبارة: (ابتلاءات ،هذه ابتلاءات، ما نحنا حياتنا كلها كانت ابتلاءات لحد ما شبعنا منها)..
* وفي يوم تهامس الناس عن قرب حدوث أمر جلل…
* قيل أن فريقاً قانونياً ومحاسبياً وإدارياً قد تحرك من البندر سراً قاصداً البلدة…
* والآن؛ إذ يحكي الكبار للصغار قصة علي كورود فإنهم لا ينسون (الخاتمة) من بين ما ينسون من تفاصيل..
* فإن آخر ما سُمع من علي كورود وهو في طريقه إلى (الكومر) عبارة: (ابتلاءات؟ تاااني رجعنا للابتلاءات ؟!)..
* أما كيف فاز (كورود) أصلاً فهذا ما بقي سراً إلى يومنا هذا !!
من أرشيف الكاتب