حيدر المكاشفي

رسالة الى الراسبين

في مثل هذه الأيام من كل عام (تقريباً)، تظهر نتائج امتحانات شهادة الأساس وتعقبها بقليل الشهادة السودانية، وتبعاً لذلك تنشط وسائل الإعلام في الاحتفاء بالمبرزين فتحتل أخبارهم الصفحات الأُول وتنتشر صورهم على الصفحات والشاشات وتخصص المساحات لنشر تهاني النجاح والتفوق المجانية إلى جانب التهاني الإعلانية، كما تتوالى وتنداح احتفالات الابتهاج بالتفوق على المستويين الأسري والرسمي ممثلاً في بعض الدوائر الراعية للمتفوقين، وكل ذلك عمل إيجابي لا تثريب عليه يستحقه هؤلاء النابهون، بل إنه واجب المجتمع والدولة لدفع أمثالهم لمزيد من التفوق والتطور، بحسبان أن الكاسب الأكبر هو الوطن الكبير، ولكن أليس للذين لم يحالفهم التوفيق ولم ينجحوا أو نجحوا ولكن ليس بالمستوى المطلوب، أليس لهم حق علينا، دولة ومؤسسات مجتمع خاصة وأن بعض هؤلاء ونتيجة للإحباط والقنوط كما شهدنا في أعوام سابقة يقدمون على الانتحار، منهم من نجح ومنهم من تم إنقاذه وهو في النزع الأخير، إن هؤلاء يحتاجون أيضاً لقدر من الاهتمام والتوجيه ربما بجرعة أكبر من الناجحين، لأن الناجح قد عرف الطريق وسلكه، أما هم فحاجتهم تظل أكبر لمن يأخذ بيدهم ويزرع فيهم الثقة وينفخ فيهم روح المثابرة والإصرار على النجاح، وينتشلهم من دوامة الإحباط واليأس ويدفعهم لمزيد من البذل والاجتهاد، فالفشل ليس هو نهاية المطاف وليس هو بالقدر المحتوم، وإنما دلت التجربة أنه أول خطوات النجاح، وهو أفضل فرصة للتعلم من الأخطاء وهو اختبار للجلد وامتحان للتحمل وابتلاء لصدق النية وسانحة نادرة لإثبات الوجود، وهو نداء قوي لمن كبا أن انهض من جديد، وأمثلة الذين صنعوا من فشلهم نجاحات باهرة واعتلوا مراقي عالية وخلدهم التاريخ عديدون في مختلف الأمكنة وعلى مدى الزمان، وهم بما صنعوا يظلون أفضل نصيحة يمكن أن نقدمها لمن لم يحالفه التوفيق من الطلاب والطالبات، من المؤكد أنها ستنير لهم طريق النجاح في المرات القادمة..
٭ شخص فشل في التجارة حين زاولها أول مرة وكان عمره أربعة وعشرين عاماً.
٭ وفشل فيها مرة أخرى فشلاً ذريعاً وخسر كل أمواله حين بلغ الواحدة والثلاثين..
٭ ثم كرر الفشل للمرة الثالثة حتى أصيب بانهيار عصبي في سن السادسة والثلاثين.
٭ ثم هجر التجارة واتجه إلى السياسة.
٭ ترشح لدخول الكونغرس لأول مرة في عمر الثمانية والثلاثين ولكنه فشل.
٭ ترشح للمرة الثانية وفشل أيضاً وكان قد بلغ الأربعين..
٭ وللمرة الثالثة يفشل في دخول الكونغرس وعمره اثنان وأربعون عاماً.
ثم رابعة وخامسة.
٭ ثم فشل في أن يحظى بمقعد نائب الرئيس وكان قد ناهز الخمسين.
٭ ثم أخيراً نجح في أن يصبح رئيساً لأميركا ..
٭ إنه إبراهام لينكولن الملقب بمحرر العبيد.
سئل العالم أديسون عن عدد المحاولات الفاشلة التي خاضها قبل أن يصل لاختراع المصباح، قال (999) مرة ولم أيأس، ولم اعتبر نفسي فاشلاً طوال هذه الـ(999) محاولة، لأنني مع كل محاولة كنت أتعلم إلى أن نجحت أخيراً في اكتشاف الذي أضاء لياليكم..
فتأملوا وتعلموا ولا تيأسوا وتستسلموا وتقنطوا فتذهب ريحكم.