الدولار في النازل.. هل يصمد؟!
نسعد كثيراً كلما سمعنا عن انخفاض أسعار الدولار وكل العملات الأجنبية الأخرى، فانخفاض الأسعار يساعد في انخفاض تكلفة المعيشة، لأن التجار دائماً يرفعون أسعارهم حتى لو كانت طماطم ويربطونها بسعر الدولار رغم أن الدولار لا دخل له بالطماطم، أو أي محصول زراعي آخر، لذلك انخفاض الدولار يؤثر إيجاباً على حياة المواطنين، فما سمع عنه بالتأكيد سيؤدي إلى تراجع المتعاملين في النقد الأجنبي ألا وهو الدولار الذي ظل في حالة تصاعد مستمر بسبب تجار العملة أو كل من امتهن تجارة العملة باعتبارها الأسرع في الربح، ولكن هل سيستقر السعر؟ أم أن المضاربين لهم حيل أخرى لرفعه مرة أخرى؟!
إن ارتفاع الدولار أمر متعلق بالدولة، فالذين يشترون الدولار بأسعار مرتفعة لا يذهبون إلى الصين لشراء الدواء أو الضروريات التي يحتاجها المواطن، بل يشترون ما خف وزنه وغلا ثمنه، فالذين يشترون الدولار بأسعار عالية هم الذين يساعدون في ارتفاعه داخلياً، لذلك ينبغي على الدولة أن تحدد أولويات احتياجاتها بدلاً عن شراء لزوم ما يلزم، فالدولار ينبغي أن يشترى للاحتياجات الضرورية وليس الكماليات، فلا معنى لشراء العنب والتفاح والبرتقال المستورد، ماذا لو لم يأكل الناس تفاحاً أو عنباً أو برتقالاً، أو شراء الأثاثات الفاخرة بملايين الدولارات.. كلها كماليات لا معنى لها. الدولة هي المسؤولة عن ارتفاع الأسعار، فإذا حددت الاحتياجات بالتأكيد لا أحد من أولئك سيشتري الدولار بالأسعار الفلكية التي تؤدي إلى انخفاض قيمة الجنيه السوداني، وكثير من بلدان العالم سجلت نمواً كبيراً في صادراتها وقللت من الواردات إلا الضرورية.
إبان الحكم المايوي حاول النظام آنذاك أن يعتقل المضاربين بالعملة وأدخلهم السجون، ورغم ذلك لم ينخفض سعر الدولار إلا بعد أن تم اكتشاف البترول، وبدأ السودان في تصديره فتراجع الدولار أمام الجنيه السوداني وأصبح يساوي جنيهين، وعندما ارتفع وصل إلى أربعة جنيهات قبل أن يحدث الانهيار ويصل إلى أكثر من (13) جنيهاً.
ارتفاع الدولار شجع العاطلين عن العمل في أن يجدوا لهم مهنة، فكل من يمر بالقرب من برج البركة نهاراً أو ليلاً يجد شباباً وبعض العجزة يضاربون في الدولار ويطاردون المارة رغبة في شراء أي عملة، وأولها الدولار.. فلا ندري كيف ينظر الأمن الاقتصادي إلى أولئك وهم يحاولون تدمير الاقتصاد السوداني على مشهد ومرأى الجميع.. لماذا لا تضع الدولة أو الأمن الاقتصادي خطة لمعاقبة كل من يحاول الشراء أو البيع جهراً بهذه العملة؟ لماذا لا تقضي الدولة على أولئك حتى تستقر العملة بدلاً عن تلك المزايدات التي لا نجدها إلا في السودان؟!