انتهى الاستفتاء والسلطة الانتقالية.. غلطة وعدت
انتهى استفتاء دارفور الإداري على خير، بكونه رجح الإبقاء على نظام الولايات الحالي لتكون دارفور مثلها مثل بقية أجزاء السودان..
مثل هذه الخصوصية وهذه الاستثنائية هي الفيروس الذي كان قد تسبب في التمهيد لانفصال جنوب السودان حين تعامل الاستعمار الانجليزي مع الجنوب بشكل مختلف عن الشمال وفق قانون المناطق المقفولة والذي حدد بمقتضاه مناطق في السودان لها خصوصية محددة وسماها المناطق المقفولة.
وبالمناسبة فإن هذا القانون كان قد هيأ دارفور نفسها جينياً لزرع توجهات تمرد بداخلها ظهرت تجلياتها لاحقاً، لأن القانون في بدايته كان يشمل سبع مناطق من بينها دارفور ومناطق في جبال النوبة قبل أن ينحصر لاحقاً عام 1922 على جنوب السودان فقط ويشكل بذرة خبيثة لما آلت إليه الأمور بانفصال الجنوب بعد حرب ومطاحنات.
هكذا يتم غرس بذور الانفصال وبذور الصراع ولذلك توافق موقف أمريكا مع موقف الحركات المسلحة والمقاطعة للاستفتاء الآن حيث عبرت أمريكا عن موقفها من الاستفتاء بتصريحات واضحة تشكك في مصداقية هذا الاستفتاء.
يجب أن ننتبه الى انسجام تشكيك الولايات المتحدة مع أهداف مخطط التقسيم الجديد ومع أهداف الاستعمار القديم أيضاً منذ سياسات المناطق المقفولة في الماضي وحتى سياسات بؤر التوتر والتمرد في عالمنا حالياً والتي تغدق عليها أمريكا ودول الغرب بالدعم والرعاية ومن بينها دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.
هدف المنظومة الاستعمارية لم يتغير أبداً واستراتيجيتها في إضعاف دول المنطقة وتفتيتها ظلت هي الاستراتيجية التي حافظت عليها كل سياسات الاستعمار عبر التاريخ..
نعم الآن لا يوجد احتلال ولا وجود فيزيائي للمستعمر داخل السودان كما في الماضي لكن المستعمر يستخدم ويحرك هؤلاء مثل أحجار الشطرنج..
اختلفوا يا هؤلاء أو اتفقوا مع الحكومة.. عارضوها لكن لا تسمحوا بتبني هذه الأجندات الواضحة المكشوفة، بل في تقديري أن قضية السلطة الانتقالية في دارفور نفسها لم يكن من المفترض أن تقر بها الحكومة في اتفاق الدوحة ولم يكن من المفترض أن تقر وتوافق بإجراء الاستفتاء الإداري نفسه لأنه (لا يحل ولا يربط) في قضية دارفور، بل على العكس يفتح المجال للمزيد من تأزيم الأوضاع.. لكنه مر الآن بسلام وانتهى أمد ما يسمى بالسلطة الانتقالية التي لم يكن لها داع من الأساس ولا يجب التفكير في أي مجاملة باستمرارها بأية صيغة بعد انتهاء مدتها الآن.
توجد سلطة واحدة في بلد واحد اسمه السودان.. ولا داعي لوجود أي نوع من الأجسام الموازية حتى لو كانت تلك الأجسام موالية للحكومة.. فنحن لا نتحدث عن حكومة تأتي اليوم وتذهب غداً بل ننظر إلى الدولة الباقية بعد ذهاب الحكومات.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.