الطاهر ساتي

نداء الواجب ..!!


:: رغم أنه ليس بمسؤول عما يحدث من موت و جرح بجامعات السودان إلا في إطار (المسئولية الجماعية)، لقد بح صوت الأخ الدكتور صدقي كبلو، الاقتصادي الشهير و القيادي بالحزب الشيوعي، وهو يناشد – عبر موقع تواصل – بعض أهل الصحافة إلى إطلاق حملة صحفية ضد المسمى – مجازاً – بالعنف الطلابي ..وهذا العنف – حقيقة – لم يعد بمحض عنف طلابي منذ أن تأسست الوحدات القتالية في وسط الكليات الأكاديمية والجمعيات الثقافية، ومنذ أن اختلط الرصاص والسيخ و العكاز والسكين بالهتاف و الاعتصام وغيره من وسائل التعبير المشروعة ..!!
:: ونداء كبلو كان يجب أن يكون نداء إحدى مؤسسات السلطة الحاكمة ك ( أضعف الإيمان)، هذا ما لم تكن مؤسسات سلطوية فقط لاغير، أي ليست مؤسسات مسؤولة.. فالحكومة هي المسؤولة عن تأمين حياة الطلاب، ما لم تكن تستمتع بموت الطلاب.. وهي المسئولة عن توفير مناخ استقرار العام الدراسي..وليست من المسئولية أن تكتفي الحكومة – أمام مسلسل الموت والجرح – بالمتابعة أو بالحل الشرطي والأمني..وغير مثل هذا النداء الإيجابي الذي يستنهض به كبلو الصحف، فالبحث عن الحلول – وليس التخدير بالبمبان والبيان – من واجبات الحكومة..ولكن الحكومة عاجزة عن آداء واجبها كما يجب، هذا غير أن سياساتها ومعالجاتها وقوانين ولوائح بعض أجهزتها و جامعاتها هي ( وقود العنف)..!!
:: وقبل عام ونيف، أصدر البروف الصديق حياتي المدير السابق لجامعة الخرطوم قراراً بتجميد النشاط السياسي للطلاب داخل حرم الجامعة إلا باذن من عمادة شؤون الطلاب.. فتوجس الطلاب بمظان أن القرار قد يقضي على النشاط السياسي بالجامعة..ولكن عند تطبيق النص، لم يحدث تجميد النشاط السياسي بجامعة الخرطوم، لا بحرم الجامعة ولا بخارج الحرم ..بل، بإذن من عمادة شؤون الطلاب، يمارس الطلاب نشاطهم داخل ( حرم الجامعة)..وبغير اذن من عمادة شؤون الطلاب، يمارسون نشاطهم خارج (حرم الجامعة)، أي بكل دور الاتحاد المنتشرة في مجمعات الجامعة..فالقرار كان ( للتنظيم) وليس ( للتجميد)..وقد نجح قرار حياتي – كوسيلة – في تحقيق الغاية، حيث لم تشهد جامعة الخرطوم أحداث عنف في الفترة الأخيرة..!!
:: فالنشاط السياسي بكل جامعات السودان بحاجة إلى تنظيم ليُغادر ( محطة العنف) إلى ( محطة الوعي)..ونسأل الله الرحمة لكل ضحايا العنف الطلابي، وكان آخرهم الطالب محمد الصادق بجامعة أمدرمان الأهلية، والذي إنتقل إلى رحمة الله نهار أمس .. وبالتأكيد ما حدث بأمدرمان الأهلية، والذي تسبب في اغتيال هذا الطالب لم يكن نشاطاً سياسيا، ولا يمت إلى السياسة الراشدة بأية صلة..فالعنف شيء والسياسة شيء آخر.. وهكذا كل الأحداث بالجامعات، (هرج ومرج)، ثم حرب تفقد البلد والجامعات أرواحاً عزيزة.. ونظلم إدارات الجامعات لو نسبنا لها مسؤولية ما يحدث..لا يستقيم الظل والعود أعوج ، فالجامعات جزء من البلد.. !!
:: نعم، السياسة – في بلادنا – هي الحرب والإقصاء و المصادرة والاعتقال، وما أحداث الجامعات إلا بعض ثمار (المناخ العام)، أي المسئول الأول ..ثم القوى السياسية، الحاكمة والمعارضة، لا تلعب دوراً في تدريب وتأهيل كادره الطلابي بحيث يمارس السياسة بوعي، ولكنها تختزل التدريب والتأهيل في التحريض و(التعبئة السالبة)..وللأسف، نعذر القوى السياسية امتثالاً لأمر المثل ( فاقد الشيء لا يعطيه)، إذ هي ذاتها بحاجة إلى تدريب وتأهيل لتمارس (السياسة الراشدة)، وهي بالحرية و الديمقراطية..فلتبادر وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات الطلابية والشبابية بدعم نداء الواجب والمسئولية الذي ينادي به الدكتور صدقي كبلو، فالحكومة تشغلها شعارات جمع السلاح بأرياف دارفور بيد أن الوضع الأمني بالجامعات ( دارفور أخرى)..!!