وهناك ضحايا ..!!
:: تقديراً لظروفهم، أصدرت رئاسة الجمهورية قراراً باستثناء سيارات السودانيين العائدين نهائياً من ليبيا من شرط الموديل.. لقد أحسنت الرئاسة عملاً بهذا القرار الإنساني، فهؤلاء العائدون ما هم إلا بعض ضحايا القذافي والحركات المسلحة بليبيا .. ولكن ماذا عن ضحايا عثمان الشريف، وزير التجارة السابق، ومافيا السيارات بالسودان؟، فمن ينظر إليهم بعين الرحمة والإنسانية ؟..نعم، قضية ضحايا الشريف – و المافيا – لم تحل بعد، وإنهم يتألمون ويخسرون.. وعددهم يتجاوز الأربعمائة مواطن من العامة (المخدوعة)، ولكل منهم حكاية تُدمع العين وتُدمي القلب..!!
:: قبل عام ونيف، وبعد ثلاث سنوات من حظرها، فتحت وزارة التجارة الخارجية باب استيراد المركبات العامة – والمتجاوزة لموديل العام – لمن يشاء استيرادها والاستثمار في خدماتها، وما فعلت ذلك إلا بعد تفاقم أزمة المواصلات بولاية الخرطوم.. فشرع المواطنون في استيرادها، وهي المركبات المسماة في شوارع البلد بالحافلات والكريس والهايس وغيرها، أي تستخدم كمركبات (عامة)..ولكن بعد أشهر من فتح باب الاستيراد، وفجأة – أي بلا أي سابق إنذار أو تمهيد – أرسل وزير التجارة الخارجية خطاباً لسلطات الجمارك يقضي بإغلاق باب استيراد تلك المركبات..!!
:: فالتزمت سلطات الجمارك بنص الخطاب وخاطبت منافذها بما يلي نصاً: (أنقل لكم توجيهات بعدم تكملة إجراءات التخليص لأي استثناءات للعربات الكبيرة المتجاوزة للموديل والموجودة داخل الميناء وعدم إنزال العربات المخالفة لشرط الموديل).. هكذا كانت اللطمة القاسية .. تأمل في قسوة التوجيه، إذ شمل الحظر المفاجئ حتى العربات التي وصلت موانئ السودان بعلم وإذن وتصاديق السلطات الحكومية، وكذلك شمل الحظر العربات التي تم شحنها في السفن بـ (إذنهم)..هكذا كان اللطم المؤلم .. فتحوا للناس باب استيراد السيارات الكبيرة لحل أزمة المواصلات، وبعد شروعهم في الشراء والشحن والتفريغ، وقبل التخليص الجمركي ( قفلوا الباب)..!!
:: لو كانت وزارة التجارة واعية لأعلنت فترة الاستيراد بجدول زمني محدد حتى لا يتكبد المواطن خسائر الاستيراد بعد (انتهاء الفترة المحددة) ..ولو كانت بالوزارة إدارة واعية لدرست كمية السيارات المطلوبة لحل الأزمة وأحصتها بالأرقام و وحددت مواصفاتها وصدقت باستيرادها ثم تغلق بعد ذلك باب (استيراد المزيد).. ولكن للأسف، كما السواد الأعظم من مرافق الدولة وأجهزتها، هي وزارة يُديرها (المزاج)، وليس (الوعي)… نعم، ليس من الوعي أن يتم الحظر – بدون أي سابق إنذار أو إخطار أو تحديد فترة زمنية – لسيارات تم شحنها بإذن ذات السلطات التي تحظر ( فجأة) ..!!
:: هذا ما حدث، وكان طبيعياً أن يكون المواطن هو (الضحية).. ومن آثار هذا (القرار المزاجي)، لا تزال بموانئ جدة والعقبة وجيبوتي أكثر من ( 2000 عربة)عربة مملوكة لبعض أهل السودان الذين صدقوا حكومتهم .. وزعتها السفن في تلك الموانئ بعد أن رفضت سلطات الجمارك – بأمر التجارة الخارجية – إنزالها وتخليصها في موانئ السودان..أصحابها يدفعون الغرامات لسلطات تلك الموانئ.. أيتها الرئاسة، لم يكن هناك عدل زمني يساوي الجميع في (الاستيراد أو الحظر)..وبظلم هذا الحظر المفاجئ كان طبيعياً أن يتحول هذا الكم من عامة الناس إلى (منكوبين).. فالحل – بحيث يخرج هؤلاء الضحايا بأقل الخسائر – بحاجة إلى قرار (إنساني آخر )..!!