جعفر عباس

عباس الحيطة منا وفينا


عبدالسلام البسوني داعية إسلامي مصري مقيم في قطر مثلي منذ معركة القادسية، وله مؤلفات عديدة، وصدر له مؤخرا كتاب «رجل اسمه نرجس» تناول فيه صنوفا من الرجال، من بينهم الصرصور الذي يعشق كل ما هو قذر، والمشروم الطفيلي، والحمار إلخ، ثم جاء الدور على «عباس»، والذي سجل الشاعر الفذ الراحل أحمد مطر جانبا من سيرته النضالية العطرة، وأهم ملامح شخصيته أنه (جدار) مسلوب الأحاسيس: «تلطمه على خده فلا ينتبه! تصفعه على قفاه فلا يهتم! تلعن (اللي خلفوه) فلا يبالي! تجول بيدك – أمام عينيه – تحت ثياب زوجته، فلا يهتز!» على حد تعبير بسيوني
ويواصل البسيوني تشريح عباس: وهو جميل الشكل، فارع القامة، معجب كثيرًا بنفسه، يرى أنه خطير، وكبير، وكثيرًا ما يكرم اللصوص إذا دخلوا بيته (لينفِّضوه) على أساس أن إكرام الضيف واجب، فاسبح معي في فضاء أحمد مطر وانظروا شيئًا من أخلاق أخينا عباس: عبر اللصُّ إليه وحل ببيتهْ/ أصبح ضيفَه / قدّم عباسُ له القهوة.. ومضى يصقل سيفه../ صرخت زوجته: عباس: أبناؤك قتلى../ عباس: ضيفك راودني../ عباس. قم أنقذني يا عباس.. / عباسُ وراء المتراس.. منتبهٌ لم يسمع شيئًا/ زوجته تغتاب الناس.
«ويبدو أنه في لحظة صحو نادرة الحدوث أحس صاحبنا العتلّ بشيء من وخز الضمير، المستتر وراء تلال من الهمود، وانطفاء الرجولة، فحركته شكّة الضمير هذه ليستخدم تكتيكًا جديدًا، يناور به «أعدقاءه»، بعد أن تأمل ما يدور حوله، ووجد أنه لا بد من موقف: اللصُّ دق بابهُ/ عباس لم يفتح لهُ / اللص أبدى ضجرَهْ/ عباسُ لم يصغِ لهُ / اللص هدّ بابَهُ/ وعابَهُ/ واقتحم الباب بغير (إذنه) وانتهرهْ: يا ثورُ: أين البقرةْ؟ / عباس دس كفـه في المخصرة/ واستل منها خنجره / وصاح في شجاعةٍ (معتبرة): في الغرفـة المجاورة!! اللص خط حوله دائرةْ/ وأنذرهْ:/ إياك أن تجتاز هذي الدائرة».
«احترم أخونا عباس كلام اللص، لأنه أعطاه كلمة رجال، رغم أنه: علا خوار البقرة / خف خوارُ البقرة/ خار خوار البقرة / واللص قام بعدما أشبع منها وطرَهْ / ثم مضى وصوتُ عباسٍ يدوي خلفهُ: فلتسقط المؤامرة/ فلتسقط المؤامرة. ولما تطوع أحد الساخرين وسأل أخانا الديك عباسًا: – والخنجر: ما حاجتُك به؟ – للمعضلات القاهرة./ – وغارةُ اللص؟! ألم ترَه؟ – لقد قطعتُ دابرَه/ جعلت منه مسخرة / انظر: لقد غافلتُه، واجتزت خط الدائرة!.
«ولقد ظللت أرصد بطولات عباس هذا حتى (انفجرت مرارتي) من كثرة مفاجآته، وقد حيرني عباس حيرة شديدة، رغم أني أعرف أن له في تاريخي أجدادًا (واطين) ربما تنزعه عروقهم، من أول نشامى طسم وجديس العرب الذين فرض عليهم خصومهم (حق الليلة الأولى) لأي عروس، يهتكون عرضها قبل أن يدخل بها زوجها، حتى قالت إحداهن بعد أن انتُهكت: لا أحد أذل من جديس / أهكذا يفعل بالعروس؟! مرورًا بالأهبل النعمان بن المنذر، عبد الفرس، الذي كان يعوض كبرياءه السليبة بيوم السعد ويوم النحس، والخائن العربي الأكبر أبي رغال مرشد الفيل الذي جاء لهدم الكعبة، والأحمق جبلة بن الأيهم، الذي استكبر على الإسلام فذلّ عند الروم، مرورًا بابن العلقمي، خادم التتر، فالمعلم يعقوب خادم نابليون والفرنسيس، وصولاً إلى كثير من اليعاقبة والعلاقمة الذين يجدون تكريمًا لم يلقه أجدادهم السابقون!!»
الله يسامح البسيوني واحمد مطر «يعني ما جات إلا على عباس؟»