“مبارك” وخطى العودة!!
كلما اقترب “مبارك الفاضل” خطوة من المؤتمر الوطني غضب الإمام السيد “الصادق المهدي” وضرب بكلتا يديه على الطاولة واستدعى كل مفردات الذم في اللغة، ليهاجم ابن عمه الذي افترقت خطاه عنه وتباعدت المسافات بينهما، حينما شعر الإمام “الصادق” أن أيامه في رئاسة حزب الأمة باتت معدودة وغربت شمسه أو دنت من المغيب، وأي تقارب بين “مبارك الفاضل” والمؤتمر الوطني يثير أيضاً مخاوف بعض القيادات في الحزب الحاكم، وتنثر الأشواك في الدروب المفضية لتلاق بعد قطيعة ، ولقاء ثم قطيعة و… لقاء.
مد “مبارك الفاضل” يده للرئيس “البشير” مرة أخرى في الشهور الماضية ، ودعم خيار الحوار الوطني وقدم مقترحات عملية لدفع عملية الحوار مع القوى التي تحمل السلاح، وذلك من خلال لقاء “الفاضل” بالمهندس “إبراهيم محمود”، الأسبوع الماضي، ذلك اللقاء الذي أثار حفيظة الإمام “الصادق” وغضبه على ابن عمه ، ومخاوفه في ذات الوقت من عودة “مبارك” للسلطة ، وخطف الحزب من أحضانه، خاصة بعد أن يئس عدد كبير من قواعد حزب الأمة من “الصادق المهدي”، ومراوغاته وإقباله على العودة ثم (إدباره) للخارج مرة أخرى.. ولما كان “مبارك الفاضل” شخصية فاعلة جداً.. وبراغماتية جداً.. ومغامر حد التهور، فقد خرج ومعه عصب ولحم حزب الأمة ، في أيام الصفا ما بعد جيبوتي، وكان حينها د.”مصطفى عثمان” ود.”غازي صلاح الدين” هما مهندسا وراعيا تحالف “مبارك الفاضل” مع المؤتمر الوطني، ذلك التحالف الذي أضاف للوطني قيادة أصبحوا وزراء منذ تلك الفترة وحتى اليوم ، حيث أصبح د.”أحمد بابكر نهار” ود.”بابكر دقنة” والمهندس “مسار” والدكتور “إبراهيم آدم” والدكتور “الصادق الهادي المهدي” من الوزراء المعمرين في الحكم.. أكثر من عشر سنوات، وهؤلاء في مواقع المسؤولية التنفيذية وخروجهم هو السبب الرئيسي في إضعاف حزب الأمة حتى أصبح نائب رئيس الحزب هو “فضل الله برمة ناصر”!!
نعم خرج “مبارك الفاضل” بتقديرات خاطئة منه حينما حدثته نفسه للتقرب من الرئيس “البشير” وتقديم نفسه بديلاً للقمرين النيرين، حينذاك “علي عثمان” و”نافع علي نافع” ، إضافة إلى شبهات حول علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية ، التي سعت لشق النظام إلى نصفين : نصف حلو وآخر مُر، من خلال “مبارك الفاضل”.. ووضع الرئيس حداً لطموحات “مبارك” التي لا يحدها سقف فأخرجه من القصر، كما خرج الراحل “الترابي” من البرلمان.. وغاب “مبارك” سنوات ما بين “جوبا” و”القاهرة” و”الرياض”.. لتشغله تجارته واستثماراته عن السياسة في بلاده ، دون أن يعتزلها.. تقدم خطوة نحو حزب الأمة ليعود مرة أخرى.. لكن الإمام “الصادق” وضع أمامه القيود والمتاريس ، وفرض عليه شروطاً مذلة لو قبل بها لانتهى به الأمر تابعاً ذليلاً خلف الإمام “الصادق المهدي”.. الآن عاودت “مبارك” رغبة عارمة في دخول الساحة السياسية مستغلاً ثغرة الحوار الوطني ، التي سمحت لرؤوس أصغر منه لولوج الساحة.. وجففت دموع الشعبي الذي أصبح قريباً من الوطني.. ولذلك عاد “مبارك الفاضل” إلى الساحة لخوض معركة أخرى مع الإمام “الصادق” للسيطرة على حزب الأمة وبث الروح فيه، بعد موات ، وتقديم نفسه كقيادي يمكنه إضافة قيمة نوعية للحوار ، الذي هو في حاجة لأمثال “مبارك الفاضل” حتى ترتفع أسهمه.. وفي ذات الوقت يكسب المؤتمر الوطني الكثير ، إذا أصبح “مبارك الفاضل” حليفه في المرحلة القادمة، لأن ما يعتبره المؤتمر الوطني منقصة وعيباً ، وهو الطموح (الزائد) لمبارك ، يمثل أيضاً قيمة نسبية، لأن السياسي الذي لا طموح له هو موظف لا جدوى منه ، وأفضل للمؤتمر الوطني التحالف مع (الطموحين)، من التحالف مع المنبتين ، الذين كل همهم الحصول على فتات سلطة ، تم السير تحت ظل الحوائط ، في صيف السباحة الساخن!!