تعرف على الفرق بين الإنسان والغوريلا
صُدم العلماء عند تمكنهم من فكّ التسلسل الجيني البشري – منذ 13 عاماً – للمرة الأولى وذلك بسبب التباين الطفيف للغاية في الحمض النووي الخاص بنا كبشر وبين الحيوانات، وقد بلغت نسبة هذا التباين 1.2% فقط.وكشفت دراسة حديثة أن السبب وراء التباين الكبير بين البشر وغيرهم من الفصائل الأخرى كالقرد، والغوريلا، والبابون يكمن فى نوع آخر من المادة الوراثية، وفق تقرير نشرته صحيفة دايلي ميل البريطانية، الإثنين 9 مايو/آيار 2016.ووجد العلماء أن السر يكمن فى بعض القطاعات القصيرة من الحمض النووي الريبوزي RNA – وهو جزء صغير يمتلك الخصائص الكيميائية نفسها التي يمتكلها الحمض النووي DNA- التي تقتصر على البشر فقط، وتسمح للجينات الخاصة بهم بالعمل وفق نمط مختلف تماماً عن سائر الفصائل الأخرى.من خلال هذا البحث، تمكّن فريق العلماء من تحديد 4 أنماط مختلفة للحمض النووي الريبوزي الميكروي microRNA – وهو المسمى الذي يتم إطلاقه على القطاعات القصيرة من RNA – داخل الجسم البشري وهي المسؤولة عن تغير الطريقة التي يعمل وفقها الحمض النووي لدى البشر.وقد صرح الباحثون بأن تلك القطاعات الصغيرة من المادة الجينية هي بمثابة اللاعب الأساسي فيما يتعلق بالكيفية التي تطور الجنس البشري وفقاً لها، فبالمقارنة مع الحيوانات، يتمركز نمطان من الأربعة السالف ذكرها فى خلايا المخ، وهو الأمر الذي يؤثر على الجينات التي تعمل خلايانا العصبية وبالتالي أدمغتنا وفقاً لها، بينما يلعب النمطان الآخران من الحمض النووي الريبوزي الميكروي دوراً هاماً في نمو البشر وتطورهم.وقد نقلت مجلة خاصة بالمكتبة العامة للعلوم عن الدكتورة أليشا فاليغو، الباحثة في معهد علم الأحياء التطوري ببرشلونة، وفريقها البحثي، مقترحهم بأن التغيرات الجزيئية التي تمت دراستها – التي نتج عنها تطور حاسم فيما يتعلق بالنمط الخارجي الخاص بالحمض النووي الريبوزي الميكروي – كانت عاملاً حاسماً في تشكل الإنسان بهيئته الحالية.على عكس الحمض النووي، الذي يتكون من مسارين مختلفين من التيوكليوتيدات، فإن جزيئات الحمض النووي الريبوزي تتكون من مسار واحد فقط.وأشار البحث إلى أن جزيئات الحمض النووي الريبوزي قادرة على لعب دور رئيسي في ترجمة المعلومات التي يحتويها الحمض النووي وتحويلها إلى بروتينات تمكّن الخلايا من أداء وظائفها على أكمل وجه. فى حين أن بعض القطاعات الأخرى من الحمض النووي الريبوزي تلعب دور الآلات الجزيئية داخل الخلايا البيولوجية.الجدير بالذكر أن الحمض النووي الريبوزي الميكروي هو عبارة عن مسارات قصيرة غير مرمزة من جزيئات النوكليوتيدات المتواجدة في جميع الكائنات الحية، والبعض من تلك المسارات – التي من شأنها الربط بين قطاعات الحمض النووي – مسؤول إما عن تغير البناء الخاص بالجينات، أو عن إعطاء صفات معينة لبعض الجينات الأخرى.وفي دراسة جديدة أجرتها الدكتورة “غاليغو” وزملاؤها، قام فريق الباحثين بتحليل 1595 جزءاً من جزيئات الحمض النووي الريبوزي الميكروي الخاصة بالإنسان، وذلك للاطلاع على التباينات والاختلافات بينها وتلك التي تمتلكها الفصائل الأخرى من القردة العليا، وقد وجدوا تبايناً في الترتيب والطول الذي يتعلق بالأنماط الأربعة للحمض النووي الريبوزي الميكروي الخاص بالبشر، وتمكنوا أيضاً من إيجاد تسلسل أكثر حداثةً للحمض النووي الريبوزي الميكروي من الناحية التطورية.تحدث الكُتّاب من المجلة الخاصة بالمكتبة العامة للعلوم عن أهمية أعمالهم التي تُنشر بالمجلة، وأن أعمالهم هى السبب وراء إبراز طرق جديدة للبحث والدراسة فيما يتعلق بالجينات البشرية ومدى تأثير التطور عليها، وقد أضافوا “على مدار السنوات الماضية، انصب تركيز الباحثين على الدور الذي قد تلعبه العناصر التنظيمية في تشكيل التنويع بين الأنواع والأفراد الذين يتشاركوا في الامتدادات الجينية المتشابهة، وقد ظهرت بعض التغيرات المحددة فيما يتعلق بعوامل النسخ والحمض النووي الريبوزي الميكروي غير المرمزة، وهو ما ساهم في تحديد بعض الاختلافات المظهرية بين الأنواع المختلفة من الفصائل مثل الإنسان والشمبانزي”.واستطردوا قائلين: “الحمض النووي الريبوزي غير المرمز والحمض النووي الريبوزي الميكروي هما المفتاحان الرئيسيان المنظمان لعملية الاستنساخ الجيني التي تحدث أثناء عملية التطور في جميع الكائنات الحية، وقد كشف التحليل الخاص بالأنماط الأربعة الخاصة بالحمض النووي الريبوزي الميكروي – miR-299-3p, miR-503-3p, miR-508-3p ،miR-541-3p – عن أن التبديل في نسب النوكليوتيدات والتغيرات في أطوال أنماط الحمض النووي الريبوزي الميكروي السالف ذكرها قادرة على تغيير نفسها”.
المرصد