الشيوعية وحصاد الهشيم
كثيراً ما أتساءل ..لماذا يا ترى انتمى معظم لوردات الحرب وأباطرة الخراب والدمار والموت في بلادنا إلى الشيوعية؟! لماذا كان عبدالواحد محمد نور شيوعياً منذ التحاقه بالجامعة ولماذا كان الرويبضة عرمان ولا يزال وكذلك عبدالعزيز الحلو وغيرهم وغيرهم ؟، لماذا يسعد هؤلاء بإشعال الحروب ويتلمظون الدم ويرفضون حل الأزمة السودانية باصرارهم على الاستمرار في الحرب والحاق الأذى ببلادهم ؟.
والله إنه لما تأذى منه السودان كثيراً أن الحزب الشيوعي السوداني كان هو الأقوى منذ ما قبل استقلال السودان في المنطقة العربية والأفريقية الأمر الذي جعلنا نحصد حنظل تلك النظرية الشيطانية حتى اليوم في شكل دماء ودموع وحروب وخراب ودمار .
حتى الهالك قرنق تبنى عند قيام حربه اللعينة مانفيستو شيوعي استند فيه على دعم الطاغية الشيوعي منقستو هيلي مريام الذي حكم أثيوبيا بالحديد والنار في ثمانينات القرن الماضي وانضم إليه عرمان منذ منتصف الثمانينات، كما انضم الشيوعيون الجنوبيون مثل عدو الشمال باقان أموم الذي ابتعث إلى كوبا ليدرس الماركسية في تلك الدولة الحمراء وكاد للسودان وشعبه بعد عودته، وقال عنه أكثر مما قال مالك في الخمر .
نعم ، لا نزال نعاني مما زرعه الشيوعيون من شر مستطير في السياسة السودانية فهم الذين جاءوا بترهات نظرية الصراع التي اقحمتها الماركسية في الفكر الإنساني، فبينما يدعو ديننا الحنيف إلى إطفاء الصراع والتشاكس والنزاع من خلال أعمال قيمة العفو والصفح التي أنزلها الله تعالى مكاناً علياً ورفعها إلى مقام الإحسان تجد هؤلاء الأشرار ينزعون إلى إثارة الفتنة شأنهم شأن الشيطان الرجيم الذي لا يعيش أو يسعد إلا بإلهاب أجواء ومناخات الخصام والحروب.
من ذلك مثلاً فرية صراع الطبقات تلك الركيزة الأساسية في النظرية الماركسية هي التي استنسخت في أشكال مختلفة ليقتبس منها صراع المركز والهامش مما سأكتب عنه تفصيلاً إن شاء الله.
مصر والمعاملة بالمثل
لسنا في حاجة إلى أن (ننبطح) لأية دولة مهما علا شأنها ومهما بلغت بنا الحاجة إلى عطائها، فنحن في عالم يحتقر الضعفاء الذين لا ينتصرون لكرامتهم ولا يثأرون لما يصيبهم من بغي وعدوان.
أقول هذا بين يدي تصريح لأمين عام جهاز المغتربين حاج ماجد سوار الذي تحدث عن المعاملة القاسية التي يتعرض لها السودانيون في بعض الدول بما فيها مصر التي عزا ما يلقاه السودانيون فيها من سوء معاملة إلى عدم تطبيقها لاتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين الدولتين في وقت يقوم فيه السودان بإنفاذها من طرف واحد.
الحكومة المصرية الحالية وليس الشعب المصري هي التي تسيء معاملة السودانيين، ولعل ما حدث من معاملة قاسية وسجن وتعذيب للمعدنين السودانيين وتعامل حكومتنا مع الطلاب المصريين الذين تم العفو عنهم بالرغم مما قاموا به من تزوير لامتحان الشهادة الثانوية السودانية يكشف الفرق الهائل بين تعامل كل من الحكومتين مع شعب الدولة الأخرى.
مصر تحتل حلايب (حمرة عين) وتمعن في التحدي والاستفزاز ويتمادى إعلامها الرخيص في التهكم والسخرية من السودان والسودانيين بل ويطالب بعض العبطاء بضم السودان إلى مصر باعتباره حقاً تاريخياً فما الذي يجعلنا نرضى الدنية في أرضنا ووطننا ونتوانى عن تصعيد القضية إلى المؤسسات الدولية حتى تحسم وبصورة نهائية؟.
لو كنت في مقام ولاة الأمر لحرصت على أن يسجل التاريخ نيلي شرف استردادي لهذا الحق الذي تطاول أمده لعقود من الزمان.
نحن(ما ناقصين) ولا نسعى إلى إشعال حرب مع مصر ولكن التنازل عن الحقوق العامة – وليس الشخصية- يقدح في وطنية أصحاب القرار .
تساهلنا في قضية حلايب وتنازلنا عن الانتصار لكرامة شعبنا ووطنا هو الذي يمنح بعض الدول التي نتهافت على استرضائها بالإكثار من الزيارات وابتعاث الوفود وتقديم التنازلات المجانية لها إشارة خاطئة إلى عدم حرصنا على حقوقنا وعلى أننا (رخاص) نستجدي العطايا التي لا نحسن انتزاعها بمواقف العزة والكرامة التي تشبه طبع الإنسان السوداني العزيز النفس والذي تحترم الشعوب الأخرى شموخه واحترامه لنفسه وكرامته.