ما زال بعض الدمع حبيساً في العيون !
وما زال بعض الحزن مقيماً في القلوب.. ويوم (الخميس) الماضي ونحن داخل سرادق عزاء الأخ الكريم والصديق العزيز الراحل المقيم “سعد الدين إبراهيم” كان إلى جانبي أستاذنا الكبير شاعر العيون الأستاذ “عبد الله النجيب” وإلى جوارنا الأخ والصديق الكريم “عبد المنعم مصطفى خفاجة”، وكان شاعرنا “عبد الله النجيب” تجلى ونحن نستمع.. يتحدث ونتابع، فالرجل مخزون من المعارف والطموح والتجارب والإبداع، منذ أن التحق بالبريد والبرق عاملاً، لكنه سعى لإكمال تعليمه حتى ترقى إلى السلك الوظيفي، ثم التحق بمعهد البريد والبرق أستاذاً ومعلماً لخريجين من مختلف مراحل التعليم العالي، وهو يعتز دائماً بأن من تلاميذه عدد من المبدعين في مجالاتهم، مثل صديقنا وزميلنا الصحفي الكبير الأستاذ “أحمد البلال الطيّب” والإعلامي ومعد البرامج الرقم الأستاذ “الشفيع عبد العزيز” وآخرين.
تحدث “عبد الله النجيب” عن صديقيه الراحلين الشاعرين “محيي الدين فارس” و”مصطفى سند” وتجمع بينهم الثلاثة القربى والمصاهرة، وحكى للأستاذ “عبد المنعم مصطفى خفاجة” (قرعم)، تفاصيل آخر لقاء تلفزيوني ضمه و”مصطفى سند” وحرمه، كنت قد قدمته من تلفزيون السودان، أعد له ورتب له الصديقان العزيزان الأستاذ “عبد الوهاب هلاوي” والمخرج الفنان الأستاذ “شكر الله خلف الله”، وقال لي الجميع بمن فيهم الراحل “سند” إنه طلب منهم أن أقدم تلك الحلقة وذلك من منطلق معرفتي العميقة به وبشاعرنا “عبد الله النجيب”.
وعرج شاعر العيون إلى حديث الذكريات في سوق الموية ومقهى “جورج مشرقي” في أم درمان، وكيف أنه كان ملتقى للمبدعين من أهل الفن والأدب والصحافة، وقال إنه تعرف هناك لأول مرة بالشاعر والدرامي والملحن والإعلامي الشامل الأستاذ “السر قدور”، وقال إن السيد الوالد “محمود أبو العزائم” – رحمه الله – قال لهم:- جاكم زول موهوب.. وقصتكم حتكون صعبة.. وحكى عن مائدة كان يجتمع حولها الأساتذة “محمود أبو العزائم” و”علي حامد” و”محجوب عمر باشري” وآخرون، وقد لفت نظره تردد شخص (مشلخ شايقي) من حين إلى آخر على هذه المجموعة، ولاحظ كيف أنهم كانوا يعاملونه باحترام شديد، فاكتشف بعد فترة أن ذلك الشخص المبجل لم يكن إلا الأستاذ “أحمد خير” المحامي، صاحب فكرة تأسيس مؤتمر الخريجين.
“عبد الله النجيب” كان يتحدث ويكاد الدمع يطفر من عينيه، واختنق صوته وهو يحكي عن أحزاننا في العام 2008م، وتحدث عن وفاة الأستاذ الصحفي والمؤرخ الكبير “محجوب عمر باشري” ثم وفاة السيد الوالد “محمود أبو العزائم” بعده بيوم واحد، ليلحق بهما بعد أيام صديقهما الشاعر الكبير “محيي الدين فارس”.. ولا ينتظر أكثر من أيام ليلحق بذلك الركب الذي غادر صديقهم الشاعر الكبير “مصطفى سند”.
قلت لأستاذنا الشاعر “عبد الله النجيب” إن يوم غدٍ (الجمعة) هو الذكرى الثامنة لرحيل الوالد، وعلمت من أخي وصديقي الأستاذ “عوض أحمدان” أن إذاعة ذاكرة الأمة، خصصت برامجها لتلك المناسبة.
سالت دمعة على خد شاعر العيون.. وبكى.. واحترمنا حزنه.. وقلت لأخي “عبد المنعم مصطفى خفاجة” إن بعض الدمع لم يزل في العيون، وإن بعض الحزن ما زال يقيم في القلوب.
{ توقيعات على دفتر الأحزان:
عشرات التعازي تلقيتها من أصدقاء مشتركين بيننا وبين الراحل “سعد الدين إبراهيم” أولاها من صديقنا الشاعر والسياسي المهاجر في الشقيقة مصر الأستاذ “بكري النعيم” الذي كان يبكي ولا يكاد يكمل كلمة واحدة وهو يعدد مآثر الفقيد.. ثم رسالة مؤثرة من أخي وصديقي الشاعر الكبير “عبد العال السيد” ومن الأخ والصديق الشاعر “عزمي أحمد خليل” ومن السيدة الفضلى “ليلى الوسيلة” ومن الزميلة الأستاذة “سلمى الأمين” بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات.. وآخرين وأخريات.