تحقيقات وتقارير

العربات الحكومية..«جواري» في حيشان النافذين


جاوزات عديدة استغلت وما زالت تستغل بواسطة العربات الحكومية التي تحت إدارة ورعاية جهاز رقابة العربات الحكومية .عدد من الأمثلة التي لا حصر لها توضح وتكشف حجم الاستغلال السيئ من أبناء المسئولين في مخالفات عديدة حذر منها الجهاز نفسه حينما أعلن عن مخالفات كثيرة من وزراء وأبناء مسؤولين، اضافة الى وجود عمليات نقل «خمور ومخدرات» تتم بواسطة عربات حكومية، فضلاً عن انها أصبحت نقلاً عاماً في أيام العطل، في نقل الاسر في المناسبات. وفي ملاحظة للصحيفة أن بصات الصندوق القومي لرعاية الطلاب أصبحت ناشطة في نقل خريجي رياض الأطفال والرحل المدرسية. ويعتبر الخبراء ان الحكومة هي الأكثر شراء للعربات. ففي العام 2013م كانت جملة العربات قد بلغت 12 ألف عربة. أحكام عامة بحسب قانون رقابة العربات الحكومية، فهناك مخالفات نص عليها القانون. ويعتبر كل سائق يستخدم عربة قبل الحصول على الإذن اللازم لاستخدامها من الوحدة المعينة أو في غير الوجه المخصص لاستخدامها وفي غير خط السير المحدد لها أو في ترحيل أي شخص لم يشمله إذن الاستخدام أو يقودها بإهمال أو لا يعتني بها أو لا يعرضها للتفتيش والصيانة والمراجعة الدورية. ويعاقب كل شخص يخالف أحكام هذا القانون أو اللوائح الصادرة بموجبه بالغرامة التي لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تتجاوز الألف جنيه. مخالفات وفي حديثه لـ «الإنتباهة»، قال سائق عربة حكومية يعمل سائقاً لمديرة احدى المؤسسات الخدمية الاجتماعية، انه دوماً ما يقع في خلاف مع تلك المديرة بسبب تجاوزها لقانون العربات الحكومية، حيث تجبره على ترحيل أفراد اسرتها للجامعات وغيرها من المرافق الاخرى، مما يعد مخالفاًِ للعديد من بنود القانون منها ترحيل شخص لا يشمله إذن الاستخدام فضلاً عن بند الاستخدام في غير خط السير مما يجعل ذلك السائق يتخذ موقفاً بعدم الانصياع لأومرها مما يجعله في حالة نقاش حاد ودائم معها. فيما قال سائق شخصية نظامية ومسئول رفيع انه مخصص له «4» عربات و«6» سائقين تقسيمها عربة للخضار واحتياجات الأسرة ومعها سائق. واخرى للأطفال لترحيل المدارس والرياض. وثالثة للزوجة وزياراتها الاجتماعية. أما الأخيرة فهي تحت خدمة ضيوف وأقارب المسئول وزوجته. مضيفاً ان الوقود المخصص لهم يوميا «10» جوالين للعربة الواحدة. مضيفاً ان السائق الخاص بالمستلزمات المنزلية قد يتقاضى راتباً على ساعتين او ثلاث ساعات فقط في اليوم. وكثير من الإفادات التي تلقيناها من عدد من السائقين لمسئولين في مختلف مرافق الدولة تجعلك عزيزي القارى ترفع حاجب الدهشة، جميعها تتحدث عن سوء استخدام المال العام في أبشع صوره بواسطة كبار المسئولين. فيما قال مشرف عربات في احدى المؤسسات ان هناك مديري إدارات يتم تمليكهم سيارات بالأقساط، وتخصيص نثرية وقود تبلغ ألف جنية في الشهر إلا أنهم يترحلون بالعربة الحكومية والتي تعد مخالفة واضحة زيادة في المنصرفات. لوائح وقوانين وفي حديثه لـ «الإنتباهة» قال الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير، ان العربات الحكومية تخضع لضوابط محددة منصوص عليها في اللوائح والقوانين. واضاف ان هذه الضوابط تمنح الشخص المسئول عربة وفق رؤية محددة وحصص معلومة من الوقود. ,ويفترض ان يستخدم سائق العربة ويحافظ عليها كما يحافظ على أملاكه الخاصة، وبالتالي يكون قد حافظ علي المال العام. وأضاف الناير ان هناك تهاوناً في قيادتها من قبل مستخدميها. ويرى ان على الدولة ان تنظر الى سياسة تمليك العربات وتعمل على تقويمها والوقوق على نتائجها، وهل هذه السياسة عملت على ترشيد المال العام أم انها زادت من الأعباء. وشدد على ضرورة وضع سياسة لمعالجة هذه القضية في المرحلة القادمة. لا سيما وأن اللوائح تنص علي منح الدستوريين عربتين الاولى للأعمال الرسمية، والاخرى للخدمة العامة. وما زاد على ذلك لابد من النظر اليه بشكل مختلف. وأوصى محمد الناير بضرورة الالتزام باللوائح والقوانين ومراجعتها وتطويرها وفق تطور الحياة وتطور الخدمة المدنية. تراخٍ كبير وجاء في حديث عضو جمعية حماية المستهلك الذي قال لـ «الإنتباهة»، ان دور الجمعية في هذه القضية هو تسليط الضوء عليها، واضاف ان هناك تراخياً كبيراً في السودان فيما يختص بالرقابة على العربات الحكومية، واضاف: واتفق مع سابقة في عدم التزام المسئولين باللوائح والقوانين، واصفاً تهاون الدولة تجاه هذه القضية بالفوضى والاستنزاف مما يؤثر سلباً على الاقتصاد السوداني، مضيفاِ «حتى لو كان جنيه واحد»، لأننا نجتهد في وضع الميزانيات لتقوم العربات الحكومية باستنزافها لذلك لابد أن ترشد. إنفاق مضاعف فيما قال الخبير الاقتصادي محمد كبج في حديثه لـ «الإنتباهة»، ان الحكومة هي من أكبر مستهلك للوقود في السودان. واضاف انه وعند رفع الدعم عن الوقود ادى الى إنفاق مضاعف للاستهلاك الحكومي بجانب انها المشتري الأكبر للعربات في السودان مستشهداً بالسيارات الصالون الصغيرة ذات الاستهلاك العالي من البنزين بالرغم من الضجة التي صاحبت اعلان الحكومة لبرنامجها الذي جاء بعد انفصال الجنوب بتخفيض الإنفاق الحكومي إلا انه كما جاء على لسان علي عثمان محمد طه انه قد تضاعف. وأضاف كبج ان هناك وزراء قد تمردوا على قرار وزارة المالية الذي يمنح الوزير عربتين فقط. مضيفاً ان البذخ في الإنفاق لن يتحمله الاقتصاد السوداني خاصة بعد انفصال جنوب السودان، حيث كانت تأتي نسبة 75 % من بترول السودان الذي كان يتحصل على خام البترول من الشركات الاجنبية مجاناً، لذلك كانت هناك اموال كثيرة تأتي من دون جهد مما يجعل الحكومة تنفق بإسراف على جسم الحكومة المترهل وعلى الولايات والمجالس التشريعة دون ان تضع في حسبانها قضية انفصال الجنوب وذهاب تلك الأموال. معتبراً عدم مسئولية الوزراء بعدم وجود كرامة لهيبة الدولة. مضيفاً انه في السابق كانت مؤسسة النقل الميكانيكي والتي تعد الجهاز الرقابي الحقيقي لانها تقف على أعطال السيارات وتعمل على صيانتها وبميزانية مخصصة له، فضلاً عن إنجاز اعمال الصيانة في الوقت المطلوب وخروج هذه المؤسسة من العمل ادى الى فتح باب للفساد من حيث الصيانات. ويري ان الصيانات عبر القطاع الخاص قد يحدث فيها العديد من التجاوزات المالية والتي قد تكلف الدولة كثيراً خاصة فيما يختص بإيجار سيارات خاصة لمسئولين لعدة أيام، وقد تكون الأعطال بسيطة جدًا ولا تستغرق وقتاً للإصلاح لتدخل السمسرة هنا والكل يلعب لمصالحه الخاصة. أسس ولوائح وفي حديثه لـ «الإنتباهة»، قال رئيس لجنة القانون والحكم المحلي بالمجلس التشريعي لولاية الخرطوم علي ابو الحسن، ان العربات الحكومية يفترض الا تكون ترفاً، ولابد من أن يتم ضبطها وان تستخدم ضمن الأعمال الرسمية فقط، مضيفاً ان قانون العربات الحكومية وضع لوائح واسساً لكل درجة وظيفية وحدد لها عدداً معيناً من العربات فيما يختص بالدستوريين حيث تكون لكل دستوري عربتان الاولى للخدمة العامة والاخرى للخدمة الخاصة.فما زاد عن ذلك فلا يجوز وفقاً للقانون، مضيفا ان هناك قصوراً في تنفيذ القانون من قبل جهات المتابعة والتنفيذ كاشفاً عن ان لجنته تعكف على مراجعة تفعيل القوانين مع الأجهزة التنفيذية للنظر في أوجه القصور والخلل واذا كان الوضع يحتاج الى لوائح ودعم فهذا هو دور المجلس التشريعي لإزالة أي نوع من التقاطعات، كاشفاً عن عدم وجود أي شكاوى حتى الآن أو تضرر أية جهات من قانون رقابة العربات الحكومية أو وجود تقاطعات فيه. عدم استقرار وفي حديثه لـ «الإنتباهة»، قال عضو لجنة العدل والتشريع بالمجلس الوطني ورئيس الدائرة العدلية بالمؤتمر الوطني الفاضل حاج سليمان، قال ان المشكلة ليست في القانون وانما في التراخي الذي يصاحب تنفيذه. مضيفاً انه وعندما تكون القوانين عرضة للتعديل لن يكون مستقرًا ومجرداً من الوقائع ، موضحاً انه يحتاج الى توجيه الأنظار بجانب رفع درجة الوعي وفهم النصوص والإجراءات لدى الجهات المسئولة. وأقر سليمان بان حل هيئة النقل الميكانيكي قد انعكس سلباً على عملية الرقابة على العربات الحكومية والتخلص منها الذي كان يمر بعدد من اللجان مما يجعل العمل ذا شفافية عالية جداً باعتبار انه الجهة الحكومية الوحيدة التي تقوم بأعمال الصيانة والمحاسبة والمراقبة على العربات التي تخضع للمراجعة بصورة دورية بحسب جدول زمني محدد، والصيانة تتم بالأسعار المعروفة وليست كما يحدث الآن في ظل اسعار الأسواق التي وصفها الفاضل بغير المنضبطة، وباختفاء هذا الجسم أصبحت الشهادات غير موثوق منها فيما يختص بأعمال الصيانة والتخلص. حصر وتحديد وأضاف الفاضل ان العربات الحكومية في السابق كانت أجدى وأنفع، وأرجع ذلك الى أنها كانت محدودة ومحصورة في انواع معينة، بعكس ما هو الآن وبتطور الصناعة ظهرت أنواع جديدة لها محاسنها ومساوئها التي حددها في استهلاك الوقود فضلاً عن النوعية نفسها بجانب استهلاك العربة نفسها أصبحت ليست بالمواصفات السابقة. وشدد حاج سليمان على ضرورة ان تقوم الجهات المسئولة بفرض رقابة اكثر على الدستوريين، مشيراً الى انه لا يحق لاي دستوري ان يخصص لنفسه امتيازات فوق القانون. واضاف: تاريخ العمل الدستوري «ما كان بهذه الصورة». واعتبر غياب اللوحة الصفراء عن العربات الحكومية خطأ كبيراً يفتح الباب للاستغلال والتلاعب فيها، لذلك نحتاج للمزيد من الضبط لأن القانون لا يغطي العربة ذات اللوحة البيضاء، بعكس الأولى التي تخضع للتفتيش والتوقيف في حالة أية مخالفة أو عبور خارج الولاية. إجراءات تعسفية وكل تلك المخالفات السابقة كان لابد لنا من طرحها على جهاز رقابة العربات الحكومية الذي يتبع الى وزارة المالية، قمنا بتسليم خطاب لمدير الجهاز الذي رفض التحدث إلا بتوجيه من الوزارة لنرسل خطاباً آخر الى الأخيرة والتي بدورها قامت بتوجيه خطابنا إلى مدير جهاز رقابة العربات الحكومية، ألا أنه رفض التحدث مرة اخرى، ووجهنا بكتابة كل الأسئلة وتركها لدى العلاقات العامة، ومن ثم الاجابة عليها لتقوم الصحيفة باستلامها من مكتب الإعلام بالمالية، وبالرغم من إجراء هذه الخطوة إلا أننا لم نتحصل على الإجابات حتى لحظة كتابة هذه السطور، بالرغم من الانتظار الذي دام لأكثر من ثلاثة أسابيع.

الانتباهة