جعفر عباس

ذاكر دروسك بارتياح لتضمن النجاح


الحمد لله الذي مد في أيامي وشهدت إكمال جميع عيالي تعليمهم الواطي والعالي، والحمد لله الذي أبقى في دواخلي مشاعر الأبوة تجاه جميع من يصغرونني سنا، ومسؤوليات المُعلِّم، رغم أنني هجرت التدريس منذ عقود طويلة، ولهذا تجدونني وفي نهاية كل عام دراسي أخوض في أمر الامتحانات، وما أمام شبابنا من خيارات في مراحل التعليم الجامعي على وجه الخصوص، وليتني أستطيع أن أقدم للطلاب معادلة مضمونة النتائج للنجاح في الامتحانات، فرغم خبرتي الطويلة كطالب ثم مدرس ثم أب، لا أعرف طريقة مثلى للمذاكرة والنجاح الأكاديمي، ولهذا سأعيد عليكم آباءً وأمهات وطلابا، خلاصة مكثفة لأكثر من كتاب عن التعليم والتعلم قرأتها على مدى سنوات، ووجدت فيها نصائح أعتقد أنها أكثر جدوى وفائدة من منظومة التوجيهات التقليدية المكررة والممجوجة التي تطالعنا بها وسائل الإعلام مع حلول مواسم الامتحانات عاما تلو عام، وخاصة عندما تكون امتحانات الشهادة الثانوية على الأبواب.
هيا إلى النصائح غير التقليدية: اهرب من الطاولة التي تذاكر عليها دروسك (حلوة دي؟ تهرب وتحمل المسؤولية لأبي الجعافر). لا بأس. بل اهرب من تلك الطاولة ركضا وابتعد عنها حتى يتصبب منك العرق، والهرب المقصود هو أن تقرأ لبعض الوقت ثم تقوم بالجري، أو ممارسة أي رياضة تجعل الأوكسجين يتدفق إلى المادة الرمادية التي في تجويف رأسك (المخ)، فالمخ يعمل بالكفاءة القصوى عندما يتلقى الأوكسجين بكميات تجارية، كما أن الرياضة تعزز خلايا الهيبوكامبوس وهو ذلك الجزء من الدماغ المسؤول عن التعلم والذاكرة.
وكي لا تحسبني عالما ضليعا و«بتاع كله» فإنني أسارع وأقول إن تلك المعلومات منقولة من كتاب لسارة جين بليكمور وأوتا فريث واسمه The Learning Brain (الناشر بلاكويل)، وينصح المؤلفان الطلاب بالإكثار من تناول الأكلات البحرية الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية (وإذا كنت تعيش بعيدا عن البحر ففي السردين والتونا المعلبة تجد كفايتك). وهناك أقراص توفر تلك الأحماض في حال تعذر تناول الأكلات.
وتشير نتائج دراسة أجراها مستشفى سنت جورج في جنوب لندن وشملت آلاف التلاميذ الصغار إلى أن تناولهم أطعمة غنية بأحماض أوميغا 3 جعلهم أفضل إدراكا واستيعابا للدروس. (أذكركم مرة أخرى بزميل لنا في بي بي سي وكنا قبل قدوم عائلاتنا نعيش سويا عزابا في مبنى واحد ونتشارك كلفة شراء المواد الغذائية وطبخها، وذات مرة قلنا لصاحبنا هات جنيهين لنشتري لحما عجاليا لإعداد وجبة العشاء فقال إنه لن يشاركنا الطعام ومن ثم لن يدفع مساهمة لأنه يرغب في تناول «سي فود» -أكلة بحرية- «وقفشناه» بعد قليل وهو يتناول طعامه من علبة سردين).
ومن جهة أخرى فإنّ دارسة أجرتها جامعة واريك البريطانية أكّدت أن الاستماع إلى الموسيقى الجميلة يحفز الدماغ وينشطه: الموسيقى الجميلة.. وليس الأغاني السخيفة التي تصاحبها أعمال السمكرة بحجة التطريب والترقيص. يعني لو استمعت إلى روبي وشيرين والعجرميات وثامر حسني وكفوري أثناء الامتحانات فإنّ دماغك سـ«يتربس» أي يصبح مغلقا بترباس فلا يستقبل أي معلومة. أما إذا استمعت إلى شعبان عبدالرحيم وأنت في الصف الثالث في المرحلة الثانوية فإنك سـ«تعيد» السنة في سادس ابتدائي!
وكلنا نعرف أن العطور منعشة ولهذا نضعها على أنف من يصاب بغيبوبة عارضة، ولكن ليس معنى هذا أن تستنشق عطورا باريسية أثناء المذاكرة، فمن بين الكثير من أنواع الروائح والعطور اكتشف باحثون في جامعة ياماناشي اليابانية أن استنشاق عبير «الخزامى» (اللافندر) خلال العمل أو الدراسة يزيد القدرة على التركيز، لأنّ فيه مادة مهدئة تساعد على الاسترخاء، والاسترخاء ضروري لمن يدرس أو يعمل ساعات طويلة. بل توصل علماء في جامعة كادريف في ويلز أنه ليس من المستحب المذاكرة لأكثر من 40 دقيقة متصلة.. يعني عليك بوضع الكتاب جانبا كل 40 دقيقة لبضع دقائق تسترخي خلالها لتستأنف الضخ من جديد.