حيدر المكاشفي

سفر الرئيس وورطة امريكا والامم المتحدة


كان سفر الرئيس إلى الخارج ولو إلى دولة جارة يثار حوله جدل ولغط كثيف، وما أذكره في تلك الأيام الضجيج واللغط الذي ثار وسيل المداد الذي أريق على صفحات الصحف والهتافات التي تعالت وشقت عنان السماء والفتاوى التي تتالت، لمنع الرئيس من السفر إلى الدوحة للمشاركة في القمتين العربية العربية والعربية اللاتينية اللتين أقيمتا هناك وقتذاك، ثم مرة أخرى عاد الضجيج والصخب واللجاج ذاته حول سفر الرئيس إلى جوبا، بذات الطريقة التي سبق أن مورست، حيث صدرت الفتاوى لمنع الرئيس من السفر إلى جوبا كما صدرت من قبل، والضجيج هو هو، والكتابات والهتافات هي هي، ولكن رغم كل هذه (الكبسيبة) لم يجنِ هؤلاء الممانعون سوى رهق الضجيج وشرخ الحلاقيم دون جدوى، فقد سافر الرئيس رغم كل الصراخ والعويل والفتاوى التي استندت إلى حادثة منذ زمن حروب الردة على عهد خلافة سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه في عملية مقايسة مخلة وفطيرة تكشف عن ذهنية ماضوية متكلسة عاجزة عن مواكبة العصر والانفتاح عليه بصورة تستصحب الرباني وتسترشد بالبشري من التراث، ثم من بعد ذلك ولا أدري لماذا خفتت تلك الأصوات بل وتلاشت تماماً ولم تعد ترتفع لتمنع الرئيس من السفر، فقد حدث أن سافر الرئيس إلى بعض الدول هنا وهناك كانت آخرها يوغندا، دون أن تثير تلك السفريات أية اعتراضات، وتقديري أن تلك (الكورجة الزائطة) قد ثابت إلى رشدها ولم تعد ترى جدوى لتدخلها في شأن لا يخصها، فسفر الرئيس أو عدم سفره شأن خاص يتم تداوله داخل دوائر الاختصاص..
في الأنباء الآن أن الرئيس تلقى دعوة من الأمم المتحدة لحضور إحدى فعالياتها، وأن الرئيس ووفده قد تقدموا فعليا بناءً على تلك الدعوة بطلبات لنيل تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية (مقر المنظمة الدولية)، والراجح أن لا ينال الرئيس تأشيرة الدخول عطفاً على تجارب سابقة تلقى فيها الرئيس دعوات مماثلة من الأمم المتحدة، وهنا تكمن الورطة التي أدخلت فيها هذه الدعوة كل من المنظمة الدولية والدولة الأمريكية، لجهة أن الرئيس هو الكاسب في الحالتين (حالة منحه أو منعه التأشيرة)، فإذا ما تم منحه التأشيرة بناء على دعوة المنظمة الأممية، فإن الالتزامات الدولية تجاه من يدخلون الأراضي الأمريكية لحضور اجتماعات أو فعاليات المنظمة الدولية ستشكل له حماية لا تستطيع معها أمريكا فعل أي شيء يضر به، أما إذا منع التأشيرة فذلك مسلك يحسب على أمريكا لكونها منعت رئيس دولة عضو في المنظمة الأممية من تلبية دعوتها، كما أن المنظمة لا تستطيع أن تحجب عنه أي دعوة مثله مثل بقية الرؤساء، بحكم قواعدها الدولية المرعية.. وعلى رأي المثل الشعبي (كدا ووب وكدا ووب)..