عروس وطنّ فلوس
أثبت لكم أمس أن صديقي الفاتح جبرا مش وش نعمة لأنه رفض عرض الزواج المسياري من مليونيرة سعودية، ولهذا فقد قررت أن أكون فاعل خير مع القراء العزاب المقطعين، وأعرض عليهم عروسا منها المال والعيال ، فقد أعلن رجل هندي أنه على استعداد لدفع مهر قدره 227 ألف دولار أمريكي لمن يتزوج بابنته. يعني تكسب عروساً وفلوساً كثيرة تعادل ميزانية التعليم في بلدنا التي يعتقد حكامها أن “أمن النظام” هو الطريق إلى رفاهية الجماهير.
والعروس عمرها 20 سنة فقط لا غير، وهي جميلة جداً. صحيح أنني لم أرها بالعين المجردة، ولكن فتاة يستطيع أبوها أن يدفع فيها مهراً أكثر من ربع مليون دولار لابد وأن تكون جميلة للغاية.. والشروط المطلوب توفرها في العريس أن يكون جامعياً، وشبابنا بحمد الله جميعاً جامعيون ليس فقط بحكم انتمائهم للجامعة العربية ولكن أيضاً لأن جامعاتنا تخرّج مئات الالاف سنوياً، ففيها مكان للناجح، والراسب يشتري مقعدا في الجامعة من حر مال والديه
وهناك شرط آخر وهو أن يكون العريس طبيباً أو مهندساً، وهذا الشرط أكد لي أن والد العروس متخلف عقلياً، مما يجعل الاقتران ببنته أكثر إغراء! فلو كان عاقلاً لما قبل لابنته أن تتزوج بطبيب.. ربما لا يعرف صاحبنا أن الأطباء (راحت عليهم) وأن معظمهم أصبح من مستحقي الزكاة، وأن من يجد عملاً منهم يجده في غالب الأحوال بنظام السخرة فيعمل 36 ساعة متواصلة فيصبح زوجا برُبع دوام. والأخطر من كل ذلك أن الطبيب يملك على الدوام عذراً شرعياً للبقاء بعيداً عن البيت: “عندي مناوبة.. استدعاء طارئ.. جراحة مستعجلة.. وزير الصحة مات.. المرضى أضربوا عن الشفاء”.. وتتوالى الأعذار ولا تستطيع زوجة الطبيب أن تشكو، وإذا لم يكن من الزواج من طبيب بدّ، فليكن أخصائي أمراض جلدية لأنه ليس عرضة للاستدعاء أو العمل الطارئ وهو أكثر أجناس الأطباء هدوء اعصاب لأن معظم مرضاه لا يواجهون خطر الموت
المهندسون في مختلف أنحاء العالم أفضل حالاً من غيرهم من المهنيين، ولكن صاحبنا الهندي يخطئ إذا اختار لابنته مهندساً عربياً لأنه سيلهف تلك الدولارات ثم يطعمها بقية العمر وعوداً لا يتحقق معظمها.. فنحن لا حاجة بنا إلى المهندسين، فلا شيء عندنا يحتاج إلى هندسة أو صيانة أو تخطيط.. كل شيء يسير بالبركة.. ومن ثم تجد المهندسين العرب منتشرين في الشرق والغرب يبتغون من فضل الله وترتبط اسماؤهم بمشاريع ضخمة في بلاد ضخمة لا يتحكم فيها الطفيليون.
شرط آخر وضعه والد العروس ألا وهو القدرة على الانجاب، والعقم الرجالي لم يعد مشكلة بعد ان تمكن الأطباء في مستشفى كريستي في مانشستر من اتقان جراحة نقل الخصية ونجحت العمليات التي أجريت لعشرات الرجال الذين فقدوا خصوبتهم بسبب التداوي كيميائياً من السرطان.. ولكن هناك مشكلة فمن يخضع لمثل تلك الجراحة ينجب أطفالاً قد لا يحملون جيناته.. يعني يصبحون أطفالك وليسوا أطفالك. لأن هذه الجراحة تلقح بويضة المرأة بماء رجل ليس بزوجها. ويمكن لزوجة ان تحبل بماء والد زوجها إذا تبرع بخصية لأبنه الذي لا ينجب!
ولكن مش مهم.. فشرط الانجاب الذي فرضه المليونير الهندي لا يمكن التحقق منه إلا بعد الزواج.. خذ المئتين ونيف الف دولار.. ثم طلق ابنته بمعروف.. ثم لا تتزوج أبداً بعد ذلك ففي زمن الخصية المستعارة وقلوب الخنازير التي تزرع في صدور الآدميين فأن عواقب الزواج باتت غير مضمونة.. وقد يتساءل متطفل: ولماذا لا تتزوج انت الهندية الثرية بدلاً من دفع الآخرين في هذا الطريق؟ وهنا أتذكر حكاية السيدة التي قالت لصديقتها: زوجي صار مليونيرا بعد زواجنا بسنة واحدة، فسألتها الصديقة: وكيف كانت أحواله المادية قبل الزواج؟ أجابت: كان مليارديرا