حيدر المكاشفي

دعونا من السياسة ولنتحدث قليلا عن الرياضة


الجدل الذي دار بين الأحباء الصحافيين، الحبيب فيصل محمد صالح من جهة، وآخرين من جهة الصحافة الرياضية، نذكر منهم الحبيب محمد عبدالماجد حول ما كتبه فيصل في شأن رياضي لا نود العودة إليه هنا، وإنما قصدنا من الإشارة لذاك الجدل العودة إلى ما سبق أن كتبناه في الرياضة هرباً من السياسة، وكنا قد أعلينا فيه من قيمة الوسط الرياضي من حيث تسامحه وتساميه واتساع صدره في قبوله للرأي الآخر، على نقيض الوسط السياسي عامة وأوساط المسؤولين الرسميين خاصة، وكان ما كتبناه هذا قد أزعج حبيبنا الصحافي السيارياضي محمد عبد الماجد، فهاتفني معاتباً (ياخ مالك علينا عاوز تجيب لينا الهوا)..
الحقيقة أنني أغبط من يكتبون في الرياضة حيث الانطلاق والطلاقة والتي قد تصل أحياناً حد السلاطة والبجاحة، وأكثر ما يدهش في الوسط الرياضي هذه الدرجة الكبيرة من التسامح التي قلّ أن تجدها في غيره من قطاعات وشرائح المجتمع، وقد صدق الأديب الطبيب والرياضي عمر محمود خالد، الذي قال فيه شعراً: «نحنا في الوسط الرياضي لا بنخاصم لا بنعادي.. راس شعاراتنا التسامح والتصالح والتراضي»، وهو فعلاً كذلك وإلا لكان عدد من زملائنا الصحفيين والكتاب الرياضيين من مرتادي السجون، ولكان أيضاً بعض الإداريين والمشجعين زبائن دائمين للنيابات والحراسات، فمهما بلغ ظلم البعض للبعض في هذه المنظومة، ومهما كانت قساوة التجريح والتعريض والهزء والسخرية، إلا أن كل ذلك ينتهي ببساطة في جلسة صلح وجودية على وجبة سمك بمطعم البربري أو في لمة أو قعدة ينظمها ويدعو لها «والي دار الرياضة، كمال آفرو»، لا تزيل أسباب الخلاف وآثاره فحسب، وإنما أيضاً تزيل الهم والغم وترطب الوجدان بما يتخللها ويعقبها من قفشات ونكات ومُلح وطرائف، وكثيراً ما كنت أشفق على بعض زملائنا الكتاب الرياضيين مثل محمد عبدالماجد «وإن طال السفر»، والرشيد «شريان رياضي»، ومزمل أبو القاسم «كبد الحقيقة»، ومعتصم محمود «الموج الأزرق» وسلك وبت الصادق وغيرهم من أصحاب الأقلام السليطة، من الجرجرة والبهدلة في المحاكم، ولكن سرعان ما أكتشف أنني الأحق بالشفقة وليس هم، لقياسي الفاسد بمحاولة إسقاط ما يجري في الصحافة السياسية على الرياضية. الحديث عن الرياضة وتحديداً كرة القدم ذو شجون ومتون وحواشٍ وهوامش، لا تسعها هذه العجالة، وحسبي منه أن يكون ختامه طرفة كورنجية. يقال أن حارس الهلال الأسبق يور حكى عن نفسه قال إنه في إحدى مباريات الديربي بين الهلال والمريخ أدى أداءً قوياً ورائعاً، وزاد عن مرماه بما جعل منه أضيق من خرم إبرة في نظر مهاجمي المريخ، وانتهت تلك المباراة بفوز مستحق للهلال، وكان هو أنشودة الجماهير الهلالية التي كانت تهتف له «يور يور يا دكتور»، كان ذلك طبيعياً، يقول يور إلا أن غير الطبيعي هو أنه سمع جماهير المريخ تهتف أيضاً باسمه، فسالت مشاعر يور جداول وامتلأ زهواً، ظناً منه أن جماهير المريخ أيضاً تحييه على أدائه الرائع، فهرول ناحيتها ليرد لها التحية، ولكن عندما صار على مرمى حجر منها إذا به للمفاجأة والصدمة يتبين الهتاف الأسود من الأبيض، وكان «عاوزين دكتور يطهر يور».. وشوف لعيبتنا يا حسن فاروق.. شينة كورتنا يا حسن فاروق.. والخمسة ماركتنا يا حسن فاروق…